من الطبيعي الشعور بالتوجس لشيء ما حتى يبدأ الخوف بالتسلل تدريجيًا إلى داخل العقل باحثًا عن مساحة أمان، هذا ما يحدث معنا حينما نرى ونسمع وأيضًا نقرأ.. الإنسان ما هو إلا مجموعة من تركيبات متعددة التي تنتج سلوكيات معينة تتصادم مع الحالة ذاتها، لهذا دائمًا ما نجد المجتمعات بطبيعتها تتناقض أحياناً بمفاهيمها وآرائها وتصل لمراحل تطرُّفية حسب توجهاتها، وقد أثبتت نظرية ابن خلدون الشهيرة أن «الإنسان ابن بيئته في عوائده وأحواله، وهو مدني بالطبع أي لابد له من الاجتماع»، ومن هنا باتت المجتمعات تتكون على هذا المفهوم حتى تشابكت عقولهم في صراعات لا نهاية لها مؤكدة أنها هي الأصح دومًا، وبالتالي يتكاتف المجتمع على رفض المخالف له، وهذا مبدأ لا حياد عنه حيث يعتبر كل جديد مُحارب إلى أن يتحول إلى قبول مُمارس في لحظة كان الرفض فيها مُعمرًا. ثقافة الاعتراض ليست محصورة في قالب معين أو فكر محدد فهي أوسع بكثير من ذلك، ولكن لابد من أن تصيب جماعة من الناس وفي بعض الحالات تكون سهلة النهج عند الأتباع عصية عند الأحرار، ولأكون أكثر دقة في تفسير المعنى لنستعين بمعاجم اللغة العربية في تبيان المفردات التي تحتمل عدة أوجه من المعاني المتباينة حيث تتضمن مفردة «المعارضة» تصنيفات متعددة ما بين السياسية والشعرية والقضائية وجميعها تتمحور حول الممانعة والمخالفة والاحتجاج، بطبيعة الحال النفس البشرية تعيش ما بين القبول والرفض ولكن العقل البشري وحده الذي يُدرك الصواب من الخطأ، فإن الله سبحانه عز وجل خاطب العقل في كتابه المنزه بكل وضوح وتصريح وهذا دلالة على الإنسان في تكوينه الفكري والإيماني أنه يستوعب كوامن الخير والشر، وما أعظم شعور الجمال المصاحب للوطن حيث يكتسي على الروح الفخر والاعتزاز بهذا الانتماء حسب فلسفة الجمال لدى أفلاطون «عندما تصادف النفس ماهو جميل تندفع نحوه لأنها تتعرف على ذاتها».