تعكس الأجواء، التي تطلقها قطر بالتلويح بانسحابها من مجلس التعاون الخليجي، طبيعة النظام السياسي في الدوحة ورهانه الدائم على أجندات خارجية لا تمت بأي صلة إلى مصالح دول الخليج، كما لا تتفق مع مصلحة المحيط العربي برمته. واعتبر مراقبون، تغريد الدوحة خارج البيت الخليجي يتناقض مع تقاليد وتاريخ وموروثات الشعب القطري، ناهيك عن مصالحه في الحاضر والمستقبل في النمو والازدهار داخل الانتماء الخليجي ومن خلال التمسك بالهوية الخليجية. أن عناد القيادة القطرية دون تقديم ما يكفي من التبريرات للشعب القطري عن سبب تمسك دولته بأحزاب أيديولوجية دينية لا تمارس أي نشاط في البلاد والالتحاق بدول مثل تركياوإيران اللتين تقدمان نموذجًا سيئًا للحكم. وأكد مراقبون أن الدول المقاطعة لقطر ذاهبة إلى أقصى الخيارات لوقف العبث القطري بأمن ومستقبل دول الخليج، وأن خيارات جديدة قد يتم انتهاجها دفاعًا عن الحصن الخليجي الكبير، وأن رد دول الخليج سيكون مفاجئًا وحازمًا لدرء أي خطر يراد منه زعزعة وحدة دول الخليج وتهديد أمن واستقرار شعوب المنطقة. الخليجيون متمسكون بمجلسهم تجمع الأوساط السياسية والشعبية في دول المجلس على تمسك الخليجيين بمجلسهم بوصفه قاعدة لمنعتهم وتكاملهم ومصيرهم المشترك.. واعتبر مراقبون أن الدول المقاطعة لقطر سلكت نهجًا دقيقًا يهدف إلى حماية المجلس من أي ضرر يصيب كينونته بسبب الخلاف مع قطر، وأن عدم دفع مؤسسات المجلس للانخراط في أتون النزاع مع قطر يروم تجنيب المجلس سجالات تهدد سياقه كناظم لعملية التكامل السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني لدول الخليج. تطور قطر أنجز برعاية العائلة الخليجية نقل عن مراجع قطرية منتقدة لسلوك نظام الحكم في الدوحة، أن قوة قطر ومناعتها، كما تطورها وارتقاؤها وارتفاع مستوى طموحاتها لم تكن لتنجز دون مواكبة العائلة الخليجية ورعايتها، وأن أي علاقات تقيمها الدوحة، على المستوى السياسي أو الاقتصادي، مع دول العالم استندت في الأصل على كون قطر جزءًا من دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي هي جزء من منظومة إقليمية لها وزنها الجيوستراتيجي والسياسي والاقتصادي، ناهيك عن موقع تلك المنظومة في سوق الطاقة في العالم. مراجع قطرية: خروج الدوحة من مجلس التعاون انتحار سياسي تضيف المراجع القطرية أن خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي لن يشكل أي خطر على ديمومة هذا المجلس واستقراره، ولن يوقف عجلة تطويره وتقويته وربما توسيعه ليتلاءم مع روح العصر ومتطلباته، في حين أن الأمر بالنسبة لقطر سيكون بمثابة انتحار سياسي واقتصادي يدرج قطر كطرف ضعيف تابع لأجندة إيران أو تركيا أو الاثنين معًا. وتكشف هذه المراجع أن القطريين الواعين بخطورة الأمر يسابقون الزمن لمنع انسلاخ البلاد عن محيطها الخليجي. "حصان طروادة" داخل البيت الخليجي كان السفير الإيراني السابق في الدوحة، عبدالله سهرابي، قد كشف أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كان ينوي الانسحاب من مجلس التعاون منذ بداية الأزمة إلا أن مستشاريه نصحوه بالتريث.. ويكشف خبراء في الشؤون الإيرانية أن طهران كانت تعوّل منذ سنوات على طبيعة علاقتها مع قطر وخصوصيتها لكونها عضوًا في مجلس التعاون الخليجي، وأن النظام الإيراني استخدم طويلًا قطر ك"حصان طروادة" داخل البيت الخليجي. وتطالب أوساط داخل الحكومة الإيرانية بأن تكون طهران أول من يمارس ضغوطًا على الدوحة لعدم الانسحاب من المنظومة الخليجية، ليس حبًا في دول الخليج، بل لحاجة إيران لبقاء قطر للعب الدور المرسوم لها داخل المجلس. ويعتبر هؤلاء الخبراء أن مسألة خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي، تلميحًا أو تنفيذًا، لا يعدو كونه ورقة من أوراق إيرانية للعبث داخل العائلة الخليجية، وهي من أعراض سعي إيران نفسها بديلًا إقليميًا عابرًا للحدود في المنطقة. ويضيف هؤلاء أن انكشاف النوايا القطرية حيال المنظومة الخليجية في هذه الأيام هو استمرار لاستراتيجية قديمة كانت خاضعة دائمًا لاعتبارات العلاقة الخاصة والملتبسة، التي ربطت الدوحةبطهران. خبراء: نظام الحمدين تابع لإيرانوتركيا استغرب دبلوماسيون غربيون نزوع قطر إلى الخروج عن الإجماع الخليجي حول المسائل الاستراتيجية الكبرى، التي على أساسها يعقد العالم علاقاته مع كل دول الخليج، بما في ذلك قطر، ونقل عن هذه الأوساط أن خروج قطر من المنظمة الإقليمية الخليجية سيسبب إرباكًا في نظرة العالم إلى الدوحة لجهة اعتبارها كيانًا تابعًا لإيران أو لتركيا أو الاثنين معًا. وتساءل مراقبون خليجيون عما ستختلقه قطر من خطب جديدة لابتزاز جيرانها بعد أن تدافعت مزاعمها على خلفية ما أثارته من سجال حول موسم الحج، وقال هؤلاء إن "الدوحة فشلت في تسييس موسم الحج، فالحج قد بدأ والكلام عن الحجاج القطريين سينتهي، والابتزاز لن تعود لديه فائدة بعد إتمام الحج". وترى هذه المصادر أن عناد الدوحة وعدم اعترافها بالضرر الذي تسببه سياساتها للخليجيين جميعًا يمعن في إبعاد قطر والقطريين عن الفضاء الخليجي الكبير خدمة لأجندات خارجية سوف تدفع قطر ثمنها.