أثبتت الإحصائيات والمشاهدات الفعلية، أنّ عشرات الألوف من المتقاعدين السعوديين هاجروا للخارج، وصاروا لا يأتون للمملكة إلّا لأداء العُمرة والحجّ، أو لحضور أفراح عائلاتهم وأتراحها، أو لتجديد وثائقهم الثبوتية، أو لإنجاز معاملاتهم البنكية، إلخ!. وهجرتهم ظاهرة تستحقّ الدراسة بعناية، لمعرفة فداحة عاقبتها على مجتمعنا واقتصادنا، كي نحلّها بأسرع وقت ممكن قبل أن تستفحل وتشمل كلّ متقاعدينا، وقبل أن نصير الدولة الوحيدة في العالم، التي تخلو من متقاعديها الأعزّاء!. ولو سألتم أيّ متقاعد مهاجر عن أسباب هجرته لما حادت إجابته عن أنّ المطلوب منه من لدُنّا أن يموت قاعدًا بلا حراك، بينما هجرته للخارج مُفعمة بالحراك والروح المتوقّدة في شتّى المجالات، يساعده في ذلك أنّ راتبه التقاعدي يكفي حاجته في الخارج لا في الداخل، خصوصًا في الدول التي انخفضت قيمة عملتها النقدية مقارنةً بالريال السعودي، وفي الخارج يستطيع براتبه امتلاك سكن سياحي فاخر بالتقسيط المريح فعلًا، كما تُقرضه البنوك دون إذلاله وإرهاقه مثلما تفعل بنوكنا بسبب تقدّم سنّه وتوقّعها موته بسرعة كأنّها تعلم الغيب وتتصرّف في الآجال والأعمار، وبمقدوره بسهولة أن يُؤسّس عملًا تجاريًا بسيطًا في ظلّ توفّر العمالة بلا رسوم استقدام وإقامات وغرامات ومرافقين وخلافه، ويترفّه ترفيهًا بريئًا يكاد ينعدم في الداخل لمن هم في مثل سنّه! وبيني وبينكم، ولا تقولوا لأحد، يستطيع أن يتزوّج فتاةً حسناء في بلد الهجرة دون أن يُقال له كما هو حاصل في الداخل: يا شايب يا عايب: ألا تستحيي؟ أتتزوّج فتاةً في مثل سنّ ابنتك؟ صحيح اللي اختشوا ماتوا!. باختصار، المتقاعد قرّر ألّا يموت قاعدًا، بل مهاجر ومُجدِّد حياته ومُستمتع بلحظاتها، هل هو مُخطئ أو مُصيب؟ «شوفوا» لكم صِرْفة معه، أنا مالي شغل!.