في شهر مايو الماضي عقد وزير المالية مؤتمرًا صحفيًا في مقر الوزارة، كشف فيه الكثير من التفاصيل الخاصة بإصدار التقرير الربعي لأداء الميزانية العامة للدولة للربع الأول من العام الجاري، وأوضح في ذلك المؤتمر تفصيلًا عن إجمالي الإيرادات والمصروفات ومقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي، كما قدم تفسيرات للارتفاعات والانخفاضات والتي شهدها ذلك الربع، مؤكداً خلال حديثه لوسائل الإعلام أن التوجه لإصدار تقارير ربعية لأداء الميزانية العامة للدولة يعكس المساعي الجادة لتعزيز الشفافية والإصلاح المالي وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتطبيق إجراءات وتدابير كفيلة بإحداث نقلة نوعية من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، وفي ذلك المؤتمر فتح معالي الوزير المجال للصحفيين لتقديم الأسئلة وتم الإجابة عليها. في الأسبوع الماضي وخلال مؤتمر صحفي عقده مساعد وزير المالية للشؤون الفنية نيابة عن معالي وزير المالية تم الكشف عن أداء ميزانية الدولة للربع الثاني من العام الجاري ومقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي، وقد أظهرت الأرقام المعلنة المزيد من التقدم في الإيرادات وتحسين كفاءة الإنفاق وانخفاض العجز المالي مع المحافظة على مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين في أولويات الإنفاق الحكومي. لأول مرة في تاريخ وزارة المالية يتم تقديم مثل هذه التقارير الربع سنوية والتي أتمنى أن تستمر وتتواصل ليس فقط على مستوى وزارة المالية بل على مستوى كافة قطاعات الدولة، ما أجمل أن نرى الوزير يوجه الدعوة للإعلاميين ويعرض عليهم ما أنجزه كل ثلاثة أشهر ويستمع لاستفساراتهم وأسئلتهم ويجيب عليها ويتجاوب معهم ويسمع اقتراحاتهم ويصبر على نقدهم ويكشف خططه المستقبلية ويوضح المعوقات الموجودة أمامه ويطرح الحلول الموجودة لديه بكل شفافية ومصداقية. مثل هذا الأداء والشفافية ساهمت في جعل صندوق النقد الدولي يشيد في تقريره الأخير بالتقدم الذي حققته المملكة وعزز من توقعاته الإيجابية بنمو القطاع غير النفطي كما أبدى ثقته بالنجاحات المستمرة والإقبال الكبير على برامج وإصدارات السندات والصكوك المقدمة من الوزارة. النهج الذي اتبعته وزارة المالية في الالتزام بتطبيق أعلى معايير الشفافية والإفصاح المالي من خلال نشر البيانات والتقارير الدورية بما يحافظ على ثقة أصحاب المصالح هو نهج يجب أن تسلكه باقي الجهات الحكومية لأنه سيساهم في تعزيز الثقة والمصداقية في أداء تلك الأجهزة كما ستجعل من المواطن حكماً على مستوى أداء تلك الأجهزة من خلال ما تعرضه عليه من تقارير دورية.