لم يكن مستغرباً الموقف القطري المتعنت ضد وساطة الشيخ عبدالله آل ثاني، للتيسير على المواطن القطري، أداء فريضة الحج، وزيارة أهله، ومباشرة نشاطه الاقتصادي أو استثماراته، وهي كلها قضايا تؤكد قرار خادم الحرمين الملك سلمان في بداية الأزمة حول مراعاة الحالات الإنسانية للقطريين، وأن الأزمة في مجملها سياسية لا تمس المواطن القطري الذي لا يملك سوى الرضوخ لمنطق الأقلية الحاكمة والمتحكمة في ثرواته وخيرات أرضه ومصيره. هذه الدويلة الصغيرة التي لا تكاد تُرى على خريطة العالم، تدفقت فيها أموال البترول الهائلة، وفاضت بين أيديهم، فظنوا أن المال وحده يمكِّنهم من السيطرة على العالم، بدلاً من استثماره لتنمية قطر التي تحولت إلى ورشة كبيرة، استعداداً لاستضافة كأس العالم 2022م، وهي البطولة الثانية والعشرون من بطولات كأس العالم لكرة القدم، فأنفقت على شراء أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية، شراء نادي باريس سان جيرمان، الذي كان يمر بأزمة مالية، ولأن المشاريع كثيرة وكبيرة استعداداً لكأس العالم أساءت معاملة العمال حسب اتهام اتحاد النقابات الدولي وربما أنفقت المزيد من الأموال لتبرئ نفسها. بغض النظر عن تقارير الفساد التي حبكت صفقة استضافة قطر لكأس العالم 2022م، وهي لا تملك مقومات الدول الكبرى التي استضافت كأس العالم « 21 « دورة، يظل المواطن القطري هو الضحية، ضحية طموح الحكومة القطرية في تجاوز حجمها الجغرافي إلى حجم ودور يضعانها في قائمة الدول الكبرى والمؤثرة في المنطقة وعلى مستوى خليجي وعربي ودولي يفوق حجمها وإمكانياتها، فالمال يتحول إلى نقمة إذا وقع في يد السفيه والجاهل، فاتبعت منطق « الغاية تبرر الوسيلة» والمواطن القطري خارج حساباتها وتخطيطها الشيطاني لتدمير جيرانها. ظل المواطن القطري يدفع فاتورة أخطاء الحكومة القطرية رغم أنه على هامش اهتماماتها وتطلعاتها التي تفوق حجمها وقدرات حكامها العقلية وأحلامهم الخيالية، لذلك أنفق حكام قطر الأموال لتفتيت الدول العربية وتخريب دول الخليج من الداخل، ودفع الرشاوي للمسؤولين وتمويل الحملات الرئاسية لبعض رؤساء الدول الأوربية لضمان ولائهم ودعمهم، فالمال وسيلة للتنمية وتحقيق الرفاه والأمن للشعوب، لا تحويله إلى نقمة على الشعب القطري، الذي حرم من أداء فريضة الحج، إمعاناً في الضلال والجهل من حكومة قطر. وساطة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني لا تحقق لتميم ومَن حوله من جوقة المستفيدين فرصة الظهور وكسب جولة من جولات المظلومية التي أطلقها في الأممالمتحدة والمؤسسات الدولية، بل هي وساطة خير تعود نفعاً على المواطن القطري، لذلك تم منع هبوط الطائرات السعودية لنقل الحجاج القطريين، كما جاء على لسان مسؤول الخطوط السعودية: « تعذّر نقل الحجاج القطريين من مطار الدوحة بسبب عدم منح السلطات القطرية التصريح لطائرات الخطوط السعودية بالهبوط». هذا الرفض الذي حرم المواطن القطري من أداء فريضة الحج على نفقة خادم الحرمين الشريفين، يؤكد التخبط والتعنت الذي تمارسه حكومة قطر نتيجة الجهل الذي أوصلها إلى معاداة أشقائها والعمل على إثارة القلاقل والفتن في دولهم بدعم الجماعات الإرهابية وتمويل القتل والدمار الذي حدث في مصر وليبيا والبحرين، وسوريا والعراق، وما حدث في عاصفة الحزم من إفشاء لأسرار الحرب للخصم ومنحه فرصة توجيه ضرباته إلى قلب جيوش عاصفة الحزم التي تعتبر قطر شريكاً رئيسياً فيها، لكنها أتقنت اللعب على الحبلين كما فعلت في البحرين خلال « درع الجزيرة«. أداء الفرائض والشعائر الدينية لا يخضع للمزاج الشخصي لحاكم أو يقيد بالوضع السياسي للدول والأزمات بينها، والحج فريضة من الفرائض التي يتوق لأدائها المسلمون في كل مكان، لذلك لم يسجل على حكومات المملكة العربية السعودية موقف يمنع حجاج أي دولة مهما كان الموقف السياسي بينهما، لأن الحج شعيرة دينية، متاحة للجميع بشرط عدم المساس بأمن وسلامة الحجيج، لكن حكومة قطر عملت ضد الشعب القطري بمنطق « لا أرحمك ولا أخليك ولا أخلي رحمة ربنا تجيك»