يقدم هذا الكتاب كثيراً من الجديد ومن المثير للجدل والتخوّف أيضاً من توقعات المستقبل القريب الأمد والمتوسط والبعيد ..غامر معالي الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية في خوض غماره وحشد كثيراً من جديد المعلومات ولكنه عالج قضاياه بكثير من البراعة والموضوعية التي ابتعد فيها عن فضول القول والخوض في التفاصيل والجزئيات. وما قدم من الشواهد والأمثلة لم يكن في معظمه إلا ما اطمأن إليه من قراءة اتجاهات التطورات المرحلية التي خبرتها الإنسانية وما هو حصيلة تراكمات من سلسلة من التطور والتغير التي مرت بها .. هذه كانت بمثابة البوصلة التي تشير إلى ما قد يؤول إليه الأمر من نتائج تنبئ عنها المقدمات الراهنة. ومن الحق أيضاً أن التغير المستمر لا يعني بحال من الأحوال انفصال الحاضر عن الماضي أو المستقبل عن الحاضر. رحل بنا المؤلف الى متاهات التوقع واستشراف الجديد في المجالات العلمية والتأثير المستقبلي لها: الحاسوب ، الانسان الآلي (الروبوت) تقنية النانو والتقنية الحيوية. وأخيراً التحولات والتغيرات المستقبلية في المجال السياسي في هيكل النظام الدولي وفي العالم العربي ومنطقة الخليج العربي.ومهد الكاتب لعمله بشرح الأساليب والتقنيات المتبعة في الدراسات المستقبلية ودلالات المصطلحات المستعملة في مواضع ورودها. ولاحظ المؤلف بأسى ندرة هذه الدراسات في العالم العربي. أما الرسالة التي ألح على التذكير بها فهي ضرورة التهيؤ والاستعداد الجيد لما هو قادم .. للإفادة من الإيجابيات والتحصن والتثقيف ضد المخاطر والسلبيات .. فكل وسيلة مهما حسنت غاياتها هي وسيلة ذات حدين : قاطع ومعالج .. ضار ونافع. أما الدافع الى هذا الاندفاع المحموم للغربيين نحو مزيد من الاستكشاف والتطوير فيرجع الى فلسفة معرفة سنن الكون وقوانينه ثم محاولة السيطرة عليه! وإذا كان تاريخ البشرية الماضي وحتى عهد قريب اتسم بسمة التدرج فإن عالم اليوم أخذ يتسارع فيه الزمان وأصبحت فيه المخترعات والتغيرات تأتي مفاجئة ومتتابعة، بحيث أن المجتمعات باتت تشهد أجيالاً من الثقافات والأشياء تتبدل في فترة زمنية ( صاروخية)، ولا مدبر ولا معين إلا الله .