من الأقوال المُتداولة: «المالُ لا يشتري السّعادة»، وهو قولٌ يُشير بوضوح إلى أنّ هناك أشياء معنوية قد لا يُمكن الحصول عليها ببذل المال، كالسلامة العقلية والنوم الهادئ والصحة الجيّدة والعلاقات الناجحة والأصدقاء المُخلِصين، ويبدو ذلك صحيحًا بشكل عام. إلاّ أن هذا القول واجَه عددًا من الآراء التي حاولَت تمحيصَه ونقدَه، حيث يبدو أن جُملة «المال لا يشتري السعادة» غير مُكتملة وليست دقيقة، وفي بعض الأحيان خاطئة، إذ يُمكن للمال عمَليًا- في كثير من الأحيان- أن يشتري أسباب السعادة، ويعطي شعورًا جميلًا بالاستقرار النفسي والانتشاء والبهجة والاستقلاليّة. ففي دراسة حديثة تمّ نشرُها في شهر يوليو من السنة الحالية (2017)، في موقع مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدةالأمريكية، أظهر الباحثون أن المال يُمكن فعلًا أن يعزّز الشعور بالسّعادة عن طريق تسخيره لشراء الوقت وتوفير فائضٍ من ساعات اليوم. فعلى الرغم من ارتفاع دخلهم المادي، يشعر كثير من الناس حول العالم بضغوطات مُتزايدة جراء قلة الوقت المُتاح لهم لممارسة حياتهم غير العَملية، مما يقوّض رفاهيتهم الاجتماعية. وأظهر الباحثون أن الحاجة لمزيد من الوقت الحُر في خضمّ ضغوطات الحياة العصرية الحديثة، يمكن تأمينها باستخدام المال. فقد بيّنت هذه الدراسة الاستقصائية لعيّنة كبيرة ومتنوعة من الأفراد بلغت (6271) شخصًا من أربعة بُلدان (كندا، أمريكا، الدانمارك، هولندا) أنّ إنفاق الأموال على خِدْمات تؤدي إلى توفير الوقت، يرتبط بزيادة الرضا عن الحياة الشخصية، فالعاملون من البالغين أجابوا بأنهم يشعرون بالسعادة عند شراء خِدْمات توفّر عليهم الوقت لاستخدامه في الاستجمام، أكثر من سعادتهم بشراء المُقتنيات المادية العينية، في إشارة إلى الارتباط القوي بين إنفاق المال لشراء وقت الفراغ، وتعزيز الرفاهية النفسية والشعور بالسعادة. ويبدو وِفقًا لبعضهم، أن من ساعد على انتشار فكرة أن المال لا يشتري السعادة، وقبولها بشكل مشوّه لدى كثيرين، هم بعض الأغنياء الذين جمعوا أموالهم من طرق أخلاقية وغير أخلاقية، على حساب أوقاتهم وصحّتهم وعائلاتهم ورفاهيّتهم النفسية، ولم يستفيدوا منها في تكريس راحتهم، أو هم أشخاص- كما وصفتهم بعض الآراء- لم يعرفوا أين يتبضّعون بأموالهم!!.. أو ببساطة، لم يكن معهم ما يكفي من المال!.