خبر ضخم مرَّ مرور الكرام ولم يجد له الصدى المناسب لضخامة مضامينه وأهميتها، بل إنِّي مؤمن أن غالبية إن لم يكن كل مجتمعنا لم يُعره أي اهتمام. نشرت (المدينة) في عددها الصادر يوم السبت الماضي (20 ذو القعدة) خبر فوز طالبتين من طالبات جامعة الملك عبدالعزيز بجائزة (نوبل جونيور) -أي نوبل الصغير- في إيرلندا. ويقول الخبر : «إن الطالبة شهد حامد الجهني من كلية العلوم الطبية التطبيقية حصلت على جائزة أفضل بحث في مجال العلوم الطبية على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا، كما حصلت الطالبة شذا عبدالعزيز السباعي من كلية العلوم على جائزة أفضل بحث في مجال الرياضيات والفيزياء على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا». الجائزة كما تصفها جريدة المدينة من إحدى أهم الجوائز الأكاديمية على مستوى العالم التي تُمنح لطلاب مرحلة البكالوريوس على التميز والإبداع في البحث العلمي. وقد بلغ عدد الأبحاث المقدمة للعام 2016م أكثر من خمسة آلاف بحث من (244) جامعة عالمية. لا أدري كم عدد المقالات التي كُتبت أو عدد المرات التي سمعتُ فيها شخصياً انتقادات حادة وغير موضوعية في منتديات اجتماعية ضد الجامعة ومناهجها ومستوى أساتذتها وخريجيها، لكنها كثير وهي في معظمها غير مستندة إلى أسس منطقية ومعلومات موثَّقة بل مجرد أقاويل وأحاديث سطحية وطائرة، بينما الواقع لما يدور في أروقة الجامعة يتنافى كلية مع تلك التصورات. الجامعة -وأنا أتحدث عن جامعتي التي قضيت فيها عمرى طالباً فأستاذاً وأفتخر بالانتماء إليها وهي جامعة الملك عبدالعزيز- حراكُها العلمي والمعرفي هائلٌ في كل مؤسساتها الأكاديمية والبحثية، وكم من براءات اختراع وأبحاث علمية متقدمة في مجالات العلوم والطب والهندسة والإنسانيات سجلها المنتمون للجامعة أساتذة وطلاباً من الرجال والنساء، وكم من الأبحاث والكتب المنشورة في دوريات الجامعة ومركز النشر العلمي والتي لو وجدت المتابعة والاهتمام المجتمعي، مؤسساتٍ وأفراداً، لأحدثت نقلات معرفية وتنموية كبرى. الإشكالية الكبرى في عدم المعرفة والاستفادة من كل ذلك،الانفصام الحاد ما بين المجتمع والجامعة والذي أدى إلى خلق صورة انطباعية مسبقة (stereotype ) صنعت نوعاً من الجفاء بين الاثنين، وأوجدت مناطق مظلمة في الذاكرة المجتمعية والمنظور الاجتماعي العام لواقع الجامعة ومراكزها الأكاديمية والبحثية وأساتذتها وخريجيها. أتصور مؤمناً يقيناً لو أن الطالبتين شهد وشذا كانتا لاعبتي كرة قدم أو فنانتين أو من مشاهير السناب السطحيين لاحتفى بهما القاصى والداني ولترددتْ أخبارهما ليل نهار في كافة وسائل الإعلام، مرئية ومسموعة ومقروءة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، ولَكِيلَ المديحُ بلا حساب لجامعة الملك عبدالعزيز التي نجحت في تقديم مبدعين مثلهما ،ولمَا توقف المديح والثناء العاطر المتواصل في المنتديات الاجتماعية عن رقي ورفعة مناهج الجامعة وكفاءة أساتذتها، أما كونهما ينتميان الى فئة المثقفين والأكاديميين فتلك قصة أخرى؟!.