بعد مرور عام ونصف على مشاركة المرأة في المجالس البلدية، يقفز إلى الواجهة التساؤل حول ما قدمته، وهل نجحت التجربة أم فشلت في إحداث إثر ملموس وتطوير للخدمات، ووصف عدد من السيدات التجربة النسائية في العمل البلدي بالناجحة، وأشرن إلى إيجابيات عديدة نجمت عن دخول السيدات المجالس، تشمل المشاركة في صناعة القرار مع الرجال، والتعبير عن هموم ومطالب نصف المجتمع، إلى جانب إثبات أهلية المرأة للعمل البلدي، وطالبن بتوسيع مستوى مشاركة المرأة لتمثل ثلث أو نصف عدد أعضاء المجالس من خلال العمل بنظام «الكوتة». وفي المقابل، انتقدت بعض الأوساط النسائية تجربة المرأة في المجالس البلدية، مشيرات إلى أنها ليست بذات أثر واضح، ولم تغير شيئًا في واقع الخدمات البلدية. الجابري: مساهمات فاعلة للمرأة في العمل البلدي تقول نزهة يقظان الجابري، عضو معين بالمجلس البلدي بمكةالمكرمة ورئيسة اللجنة النسائية، وعضو هيئة تدريس بجامعة أم القرى: سجل التاريخ في الماضي والحاضر دورا مشرفا وإسهاما فاعلا للمرأة المكية وتفانيها في خدمة مجتمعها، وقد كان تعيين عضوات في المجلس تأكيدًا لهذا الدور، وقد أسهمت خلال الفترة الماضية بالمشاركة الفاعلة في عضوية العديد من لجان البلدي وفي تنظيم ورش العمل والزيارات الميدانية للعديد من المرافق البلدية، كما شاركت من خلال اللجنة النسائية بمجلس مكةالمكرمة في العديد من المناشط والفعاليات الاجتماعية والثقافية في المجتمع لدعم وتمكين المرأة المكية لتسهم في دفع عجلة التنمية، وذلك بترتيب لقاءات مع القيادات النسائية في جمعية مراكز الأحياء، وزارة التعليم، الغرفة التجارية، الجمعيات الخيرية والحرفية، وزارة العمل وغيرها من الإدارات الحكومية الخدمية.. إضافة لعقد عدد من اللقاءات المفتوحة بالمواطنات المكيات للاستماع إليهن والرفع باحتياجاتهن. ومن وجهة نظري أرى أن دخول المرأة للمجلس يعد دليلا وبرهانا على تميزها الأمر الذي مكّنها من مشاركة الرجل في صنع القرار فتعددت الرؤى، وتنوعت الاحتياجات، وتكاملت الجهود لخدمة الإنسان والمكان.. ولا شك أن هذا الأمر سيحقق نقله نوعية للبيئة المحلية بسبب نظرة المرأة الدقيقة للمكان حيث تراه بعدسة تعني بالتفاصيل، مما يجعلها أكثر اهتماما بالتشجير والحدائق والنظافة وغيرها من المرافق. برهمين: اقترح تطبيق نظام «الكوتة» النسائية بالمجالس تقول الدكتورة عبير عبدالرحمن برهمين عضو المجلس البلدي المعينة وعضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى: أبرز ما حققته المرأة كعضو مجلس بلدي أنها أثبتت لزملائها بالمجلس ولأطياف المجتمع المختلفة أنها أهل للثقة وعلى قدر عالٍ من المسؤولية، ويتم الرجوع إليها واستشارتها في معظم الأمور المطروحة على المجلس ويؤخذ برأيها خاصة في الأمور ذات العلاقة بالتخصص، رغم ما سبق وأثير من لغط في بداية دخول المرأة لأول مرة المجالس البلدية في دورتها الحالية الثالثة والمزاعم بأنها لن تستطيع أن تتمكن من أداء دورها كعضو في المجلس البلدي؟ وتضيف الدكتورة برهمين: من وجهة نظري من أبرز الملاحظات والانتقادات كانت نظرة المجتمع لعضوة المجلس، التي كانت مجحفة ما بين مفرطي التفاؤل الذين رفعوا من سقف التوقعات ونعتها بأنها قادرة على حل كل ما استعصى على زملائها الرجال في الدورتين السابقتين وكأنها تمتلك عصا سحرية وبين نظرة مفرطة بالتشاؤم تقول: إن ما استعصي على الرجال تحقيقه فلن تأتي المرأة وتحقق ولا جزء منه؟ ومن الملاحظ أن تجربة انتخاب السيدات للمجالس البلدية حظيت بدعم كبير من الرجل كناخب بعكس التوقعات للتيار المتشدد رغم مارافق التجربة الانتخابية من دعوات وصلت إلى حد نعت الرجال باوصاف غير مناسبة إن سمح لأهله بالترشح أو الانتخاب ليجهضوا تجربة دخول المرأة للمجلس البلدي والرسائل كانت تأتي بشكل ناصح تارة أو كتهديد صريح تارة أخرى للسيدات. وعن رؤيتها المستقبلية تقول الدكتورة برهمين: اقتراحاتي لتحقيق أداء أفضل هو السماح للمرأة بالوجود في المجالس البلدية بنظام الكوتة، بحيث إذا لم تحقق النسبة المقترحة بالانتخاب يتم التعيين لتحقيق النسبة، واقترح أن يحدد أصحاب القرار في الدولة نسبة الربع ابتداء إلى أن نصل إلى النصف. لإيماني أن السيدة السعودية عموما والمكية على وجه الخصوص لديها من القدرات المهنية والتفكير الإبداعي الكثير لتضيفه للمجالس البلدية.. وزيادة عدد السيدات سيكون له دور فاعل بشكل أكبر ويحقق تطلعات المجتمع. تبني قضايا المرأة وتقول مكية يحيى البهلولي: ترشيح نساء للمجالس البلدية كانت نقلة نوعية للمجالس عامة وللمرأة، خاصة التي أثبتت في كل مرة جدارتها وقدراتها ومهاراتها في جميع المجالات، وكان انضمامها لمجلس الشورى البداية وها نحن بعد مرور أكثر من عام ونصف على انتخابات المجلس البلدي للعاصمة المقدسة أثبتت عضوتا المجلس الدكتورة عبير برهمين والدكتورة نزهة الجابري جدارتهما، وقد حققتا المتوقع منهما أداءً وتفاعلًا ومازلنا نطمح منهما لعلمنا بحرصهما على ترك بصمة بما يقدمانه في المجلس لجميع الفئات والمستويات النسائية في كل القطاعات والتركيز الأكبر على عامة النساء بجانب سيدات الأعمال والتواصل مع جميع الطبقات، ولكني أتمنى أن يحظيا بدعم إعلامي أكبر لإبراز الجهود المبذولة للمجلس، حيث إن شريحة كبيرة من النساء لايعرفن أن هناك عضوية نسائية في المجلس. وتقدم الأستاذة مكية مقترحا شخصيا لعضوتي المجلس ويتمثل في تبني الموضوعات، التي تهم المرأة خاصة والموضوعات التي تثار أحيانًا على مواقع التواصل وتوضع لها أجندة بحسب الأولويات والعمل على إيجاد حلول واقعية تخدم المرأة، سواء كانت ربة منزل أو عاملة أو سيدة أعمال وصاحبة المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. كعكي: همزة وصل لاحتياجات النساء وتقول دلال كعكي: لكي نستطيع أن نقيس أداء عضوتي مجلس مكة لابد من مقارنة ذلك بأداء باقي الأعضاء ال 28 من الرجال، ومع ذلك فإن عضوتي المجلس لهما دور مهم وبارز رغم قصر الزمن مقارنة بحداثة التجربة فقد قامتا بعمل لقاءات بالشراكة مع مجالس الأحياء وبدور التوعية بأداء ومهام المجالس البلدية، وهذا الدور مغيب أو غير واضح لدى شريحة كبيرة من المجتمع. كما أنهن همزة الوصل في معرفة احتياجات نصف المجتمع النسوي والأقدر على تمثيل مطالبها داخل المجلس وعموما من المكاسب المهمة التي تحققت والتي تعد تحولًا كبيرًا ونوعيًا هو إيجاد آلية لمشاركة نصف المجتمع في اتخاذ وصناعة القرار والاعتراف بقدرات المرأة وحكمتها في خدمة وطنها ومجتمعها. وتضيف: أتأمل أن ترتفع نسبة العضوات المعينات إلى الثلث ليكون للنساء تمثيل أكبر وأن تتسع معايير التعيين فلا يقتصر فقط على الأكاديميات وإنما يشمل باقي فئات وشرائح المجتمع لإثراء التجربة وضمان التمثيل الجيد المتنوع. كما تطالب كعكي بضرورة إيجاد لجنة للإشراف على توصيات ورش العمل التي يعقدها المجلس. تحمل للمسؤولية وعطاء متميز وتقول الدكتورة ليلى سالم بابنجي: إن عطاءات المرأة في المجلس البلدي هي تجربة جديدة من أيقوناتِ العطاءِ الوطني ويأتي الترشيحُ للعنصرِ النسائي مكملًا لهيكلِ العملِ الصحيحِ؛ وقد بدأ منذ أنّ سُمحَ لها أنْ تتقلد أدوارًا في مقعد الشورىَ، والمجلسِ البلديِ منذ عام 2011 م حيث أقرَّ هذا الأمر المغفورِ له بإذنِ الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والمرأة السعودية عموما قادرة على مواجهة تلك المسؤولية الجديدة بما تملكه من كفاءة ومهارة وإحساس بالمسؤولية؛ لتثبت وجودها وتؤدي ماعليها من خلال مسؤوليتها المجتمعية. وتؤكد الدكتورة بابنجي أن المرأة السعودية تُعرف بالتحديِ في كلِ موقعٍ طُلبت لتتقدم إليه، وتُثبتُ وجودَها الدائم أمام نساء العالم اللواتي يَسكن الثغور ويعبرن الحدود، يجاهدن َ ويعلمن َ ويعملنَ مضيفة: إن نجاحَ المرأةِ في هذا المضمارِ مكمل لأدوارها التي تميزت فيها بشتى ميادينِ العلمِ والعملِ والعطاءِ على جميع الأصعدةِ بمشاركةِ الرجل جنبًا إلى جنب. أثر غائب وصدى ضعيف وتؤكد الكاتبة الصحفية فاتن محمد حسين على الأهمية الكبرى للمجالس البلدية وذلك استجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية، وتحفيز المشاركة في عملية صنع القرار، وتحسين البيئة المحلية والارتقاء بالخدمات البلدية للسكان فالمجالس مؤسسات خدمية عامة تهدف إلى توفير الخدمات المجتمعية داخل التجمعات السكانية المختلفة.. ولكن للاسف لم نرَ أثرًا واضحًا لتلك المجالس بصفة عامة وللمرأة في المجالس البلدية بصفة خاصة، وقد كانت هناك مطالبات لاهتمام المرأة بالرقابة وتطوير الخدمات البلدية في العاصمة المقدسة ومنها على سبيل المثال البيئة والنظافة في الشوارع والاهتمام بتسريع وتيرة العمل في توفير حدائق عامة للأسر المكية والاهتمام بتوفير دورات المياه في مداخل مكة للحجاج والمعتمرين والزائرين.. وبالمكتبات العامة في الأحياء وإقامة مجالس أحياء لمراقبة الأمن وغيرها من الوعود الانتخابية التي تقدمت بها سيدات المجالس البلدية ولكن - للأسف - لم نر لها تأثيرًا مباشرًا وقويًا على أعمال الرقابة لأمانة العاصمة المقدسة وتطويرًا للخدمات.. وربما الإعلام أيضا كان ضعيفًا لما تقوم به أو تفعله من أعمال.. فلم نقرأ أو نسمع أو نرَ أي دور فاعل للنساء في المجالس البلدية. الانخراط مع شرائح المجتمع ومن جانبها تؤكد الدكتورة منيرة العكاس- الخبيرة في مجال التعليم أن الحكم على تجربة مساهمة المرأة السعودية عموما في المجالس البلدية صعب الآن بسبب قصر الوقت الذي مرَّ على التجربة، خاصة أنها جديدة ولأول مرة تشارك المرأة السعودية كمرشحة وناخبة، وسوف تكشف الأيام المقبلة الإيجابيات والسلبيات بالتأكيد، وهذا أمر طبيعي لكننا نتأمل فيهن الخير ولا ننسى أن هذا المكسب الكبير للمرأة بإشراكها في صنع القرار على هذا المستوى المهم واليوم أصبحت المرأة السعودية تعي أن لها دورا يجب النهوض به خدمة لوطنها ولدينها وأطالب عضوات المجلس بالانخراط مع شرائح المجتمع وعقد لقاءات للتعرف على المطالب، التي يمكن تحقيقها والبعد عن المطالب الفضفاضة، التي يصعب تحقيقها على أرض الواقع. مبادرات وشراكات مطلوبة وتقول منيرة عبدالرؤوف أمجد حسين مدربة تخطيط استراتيجي: أشيد بجهود الأختين عضوتي المجلس البلدي ونتطلع للمزيد من العطاء والتغيير في المستقبل، واشتراك المرأة المكية كعضو مجلس بلدي تجربة جديدة في مملكتنا الحبيبة لتمثيل نصف المجتمع ولتحقق الأهداف، التي وضعت فإشراك المرأة ليس تشريفًا بل مسؤولية، وأتمنى أن تكون هناك مبادرات ولابد من عمل فرق متطوعة للمساهمة مع المجلس لتحقيق الكثير من مطالب المرأة والمجتمع المكي على مستوى الأسرة والحي ومعالجة التحديات من خلال التعاون مع جميع الوزارات ومؤسسات المجتمع مثل التعليم والصحة ومجالس الأحياء والجمعيات اللاربحية وهيئة الترفيه والأسر المنتجة والتواصل مع رجال الأعمال للاستفادة منهم في تحقيق الأهداف والمشاركة المجتمعية، وتضيف: هذا يتطلب جهودًا جبارةً وتعاون وشراكات ناجحة لخدمة مكة وتطويرها. عمل فاعل ولقاءات مفتوحة وتقول ثريا زكريا بيلا عضو نادي مكة الثقافي الأدبي إن عضوتي مجلس بلدي العاصمة المقدسة منذ أن تم تعيينهما استبشرت بهما سيدات مكة لأنهما صوت المواطنات داخل المجلس، وقد أبلين بلاءً حسنا خلال الفترة الماضية وقدمتا مبادرات رائعة وعملية من خلال لجان المجلس منها زيارات لمراكز الأحياء في الأقسام النسائية وجمعية أم القرى الخيرية ومركز السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها لسيدات الأعمال بغرفة تجارة مكة واطلعتا على أعمال وأنشطة كل جهة وعمل شراكة مجتمعية بما يحقق أهداف المجلس نحو المجتمع، كما عقدتا عدة لقاءات مفتوحة مع المواطنات ونرجو استمرارية هذه اللقاءات الدورية لحاجة المواطنات لها لطرح أفكارهن ومقترحاتهن وشكواهن واقترح لعضوات المجالس البلدية عموما بتكثيف جهودهن للالتقاء بالمواطنات، سواء داخل مقرات المجلس أو خارجها لتلمس مطالبهن. تفاعل مع السيدات وتقول المطوفة وفاء عبدالرحمن: إننا لمسنا في عضوتي المجلس تفاعلهما مع سيدات المجتمع المكي في عدة لقاءات طوال الفترة الماضية بهدف التعريف بوجود المرأة في البلدي، وأن لهما صوتًا يصل للجهات ذات العلاقة من خلال التواصل معهن ومساندتهن لتحقيق تطلعاتهن في إيجاد الحلول الملائمة لما يصادفهن من عقبات في الأحياء القاطنات بها وننتظر منهن الكثير والكثير من العطاءات وأقترح تعيين كادر من الموظفات من بنات مكة المثقفات والملمات بأحيائها لمساعدتهما في الإنجازات والمهمات المناطة بهما ولا تزال الفرصة أمامهما كبيرة لتقديم المزيد.