* «تدريب المحامين بين الواقع والمأمول» كان عنوانا لمقالي - بتاريخ 23 فبراير من العام الجاري- وتحدثت فيه عن معاناة خريجي الحقوق الراغبين في الالتحاق بالتدريب اللازم لاستخراج رخصة المحاماة.. وكانت خلاصة المقال تتمحور حول التساؤل التالي: أليس من الإجحاف في حق خريج بكالوريوس القانون توظيفه بمسمى «محامي متدرب» وبدون راتب، ثم إضاعة أوقاته بأعمال إدارية بحتة لا تمت للمحاماة بصلة؟ هذه المعاناة كانت تحدث للخريجين لدى معظم مكاتب المحاماة، وتستمر 3 سنوات بعد تخرج الطالب، إلى أن يندب حظه ويكتشف بعد استخراجه الرخصة أن مخرجاته العملية -إن وجدت- فهي أقل بكثير من المأمول. * يبدو أن وزارة العدل -مشكورة- قد قررت الالتفات لهذه المعاناة وتقليصها، وتمثّل ذلك أخيرا بتدشين معالي وزير العدل الأسبوع الماضي لمركز التدريب العدلي وإطلاقه دبلوم المحاماة، وهو مشروع يُعنى بتدريب خرّيجي القانون من خلال برنامج تدريبي مقنّن ينتهي بمنحهم رخصة مزاولة المحاماة. * والحقّ يقال، فقد عمّ الاستبشار بين الأوساط القانونية بهذه الخطوة النوعية، وخصوصا بين خريجي الحقوق، وبدا ذلك واضحا في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. فشكرًا معالي الوزير. * ولكن، ورغم أن المشروع حديث الإعلان، إلا أن «العشَم» صاحبَنا بالكثير من التساؤلات.. فهل ستقدم للمحامي المتدرب مكافأة مالية؟ وإلا فسيكون الخيار صعبا، لطيلة سنوات التدريب، فكيف يضمن المحامي المتدرب مصروفاته ومن يعولهم خلال 3 سنوات من العمل والممارسة التدريبية المكثفة، على غرار غيره من خرّيجي البكالوريوس في مختلف التخصصات؟ * أتمنى أن يتضمن الدبلوم صقل المتدربين بمهارة اللغة الإنجليزية القانونية، وأقصد اللغة التقنية (legal English ) وليس العامة، لأهميتها الماسة في مجال الاستشارات والعقود القانونية ضمن النطاقين التجاري والاقتصادي. وقد أفردت مقالا مخصصًا عن هذا الأمر الأخير بعنوان (الاقتراح الرامي إلى تطوير المحامي) بتاريخ الخامس من شهر مايو الماضي. * كما اقترح على وزارة العدل وضع اختبار معياري شامل كشرط لجميع من يرغب بالحصول على رخصة مزاولة المحاماة، ويكون الهدف من هذا الاختبار قياس جودة التدريب لدى مكاتب المحاماة المختلفة، والنتيجة المتوقعة من تنفيذ هذا الاقتراح هو قيام التنافس بين هذه المكاتب لتجويد مخرجاتها التدريبية حتى تضمن حصول متدربيها على الرخصة، مما يساهم في حلّ معضلة التدريب من جذورها. *** شكرًا مرة أخرى معالي الوزير.. فقد قلّصت المعاناة، وجعلت المأمول واقعا. ولكن، طموحنا أكبر.. في أن تعالج المشكلة من جذورها. وهذا العلاج مهم لمواكبة التطور والازدهار الذي وصلت إليه مهنة المحاماة في وطننا العزيز.