يقولون في المثلِ الشعبيِّ العربيِّ السائدِ: «بطلوا دا واسمعوا دا»، ساسةُ وحكامُ قطرَ جرَّبوا كلَّ أنواعِ المراوغةِ واللفِ والدورانِ لتعويمِ وتفكيكِ وتدويلِ أزمتَهم مع المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ وشقيقاتِها الثلاثِ مصرَ والإماراتِ والبحرين، فلم ينجحوا بل زادت عزلتُهم وتراكمَت عليهم الإداناتُ الدوليةُ وثبتَ للجميع أن مطالبَ الدولِ الأربع شرعيَّةٌ ولها مبرراتُها. وقد كشفتْ قناةُ «سي إن إن» الإخباريَّةُ عدمَ التزامِ قطرَ وانتهاكَها لاتفاقي 2013 و2014 التكميلي الذي وقعته في الرياضِ بحضورِ أميرِ الكويتِ بعدَ سحبِ السعوديةِ سفيرَها من الدوحة وهو ما يوضحُ عدمَ جديَّة حكامِ قطر في أي التزاماتٍ أو مراعاةٍ مصالح دول عربية تفرضُه عليها مشتركاتُ المصيرِ والتاريخِ والأخوَّةِ. واليومَ واستمرارًا للمماطلةِ والتسويفِ تهددُ الدوحةُ بالانسحابِ من مجلسِ التعاونِ لدولِ الخليجِ العربيةِ عوضًا عن أن تعترفَ وتقرَّ بأخطائِها ضد شقيقاتِها العربيات، فكما نشرت وسائلُ الإعلامِ، فالسيدُ وزيرُ الخارجيةِ القطري محمدُ آل ثاني أرسلَ رسالةً لأمينِ عامِ مجلسِ التعاونِ في جزءٍ منها يقولُ: «إن دولةََ قطر تمهلُ الدولَ المقاطعةَ الخليجيةَ ثلاثةَ أيامٍ من تاريخِ إرسالِ هذه الرسالةِ لرفعِ الحصارِ عن قطر وتعويضِ الخسائرِ السياسيةِ والاقتصاديةِ الواردةِ عليها وعلى شعبِها وبعدَ إكمالِ هذه المهلة سنعلنُ رسميًا خروجَها من مجلسِ التعاونِ لدولِ الخليجِ العربيةِ ولن نلتزمَ بقراراتهِ السابقةِ واللاحقةِ». لغةٌ تهديديةٌ ليس في الانسحابِ فقط بل وفي إلزاميةِ التعويضِ إضافةً إلى عدم الالتزام بقرارات المجلسِ، وهي تشبهُ اللغةَ التهديديةَ للدولِ المنتصرةِ في حروبٍ كبرى ومن دولٍ عظمى، من المقبول أن تصدرَ مثلُ هذه اللغةِ من دولةٍ كبرى ومنتصرةٍ كما حدثَ من الولاياتِالمتحدةِالأمريكيةِ مع اليابانِ عندَ نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ أو من دولِ الحلفاء مع ألمانيا لكن أن تصدرَ لغةٌ كهذه من دولةٍ في حجمِ قطر، قوةً ونفوذًا وحجمًا ومكانةً، وهي في ذاتِ الوقتِ مدانةٌ بدعمِ الإرهابِ والسعي لتفكيكِ دولٍ عربيةٍ، فليس له من تفسير سوى: إما أن حكامَ قطر يتوهمون أنهم بالفعل دولةٌ كبرى كما صرح ذات يوم رئيسُ وزرائِها حمدُ بن جاسم، وإما أنهم يعيشون عالمًا افتراضيًا لا يدركون فيه أبسط مبادئ السياسةِ والعلاقاتِ الدوليةِ. لو أن بينَ إخوتِنا في قطر ناصحًا أمينًا لطالبَهم أولاً بالاعترافِ بالواقعِ الذي يعيشونَه والذي تفرضُه العقليةُ الواقعيَّةُ التي تقولُ إن تبنيَ أدوارٍ فوقُ قدرتهم يسيءُ أكثرَ مما يفيدُ، ولنصحَهم أيضًا بأنهم إن كانوا بالفعلِ جادين في إيجادِ حلٍ لأزمتِهم ومعاناتِهم فعليهم التوجهُ مباشرةً لعواصمَ الدولِ المقاطعةِ والتفاهمُ معهم مباشرةً لطمأنتهم بعدمِ تدخلِ قطر بأي شكلٍ من الأشكالِ فيما يضرُّ مصالحَ تلك الدولِ والالتزام بما يثبتُ أن قطر جزءٌ من الأمة العربيَّة يُعينُ ولا يثبطُ، يجمعُ ولا يفرقُ، وليس كما هو حادثٌ الآنَ مع قناةِ الجزيرةِ ومعَ الفصائلَ والجماعاتِ الإرهابيَّةِ في ليبيا واليمن وسوريا ولبنان، أمَّا إن استمرَ التهاونُ القطريُّ وأساليبُ اللفِّ والدورانِ والعنادِ، كما في رسالةِ وزيرِ الخارجيَّة لأمينِ عامِ مجلسِ التعاونِ فلن يضرَّ أحدٌ سوى قطر وستبقى وحيدةً منبوذةً وربما مطرودةً من محافلَ ومنظماتٍ دوليَّةٍ عدةٍ.