حتى وقت قريب كانت كلمة «التواصل» الاجتماعي، محببة إلى القلوب؛ لما لها من دلالة على التلاحم بي الأسر، والعائلات، بشكل يضمن تماسك المجتمع، وقدرته العالية على مواجهة التحديات. وبقي هذا المصطلح رائعا، وذا مدلول إيجابي، إلى أن قتحمت التقنيات الحديثة الحياة الاجتماعية، وتحولت بمرور الوقت، إلى بديل لمعظم العادات الاجتماعية الطيبة، حتى أطاحت بفرحة المناسبات الدينية، والاجتماعية، وعلى رأسها الاحتفال بالأعياد، وقتلت التواصل الاجتماعي المليء بدفء العلاقات، لتحل محله وسائل أُطلق عليها «تواصل اجتماعي» زيفا، وليس حقا. تواصل بارد ويصف عدد كبير من المواطنين، التواصل الاجتماعي، عبر التقنيات الحديثة، بأنه تواصل بارد، يخلو من المشاعر الطيبة، لذا فإنه يطيح بفرحة العيد، التي كانت تعتمد على اللقاءات المباشرة بين الأهل، والأقارب، والأصدقاء. ويقول محمد حسن: «لا أرى أن استخدام الرسائل الالكترونية للتهنئة بالمناسبات والأعياد، يمكن أن يحل محل الزيارات واللقاءات الخاصة، فهو سلوك يتسم بالكسل، ويفتقر لمعنى التواصل الحقيقي المباشر مع الأحبة والأصدقاء، وأعتبر هذه التقنيات الحديثة أمورا باردة، لا تغني عن العلاقات المباشرة»، معربا عن أسفه لانتشارها بين غالبية أفراد المجتمع، حتى باتت ظاهرة تؤثر على العلاقات بين الأقارب، والعائلات. سرعة العصر من جانبها ترى سحر عبدالله، أن استخدام التقنيات الحديثة للمعايدات، والمناسبات الاجتماعية، بات أمرا يتناسب مع السرعة التي طرأت على الوقت الحاضر، في ظل كثيرة الانشغال، والأعمال، التي تستغرق من الإنسان يومه بأكمله». انعزال سلبي وتقول لبنى عثمان: «أرى أن رسائل الهواتف الذكية، في المناسبات الاجتماعية، أصبحت ظاهرة سلبية، تعكس مدى انعزال أفراد المجتمع، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال استبدال مشاعر التهنئة، والمعايدة المباشرة، في الأعياد، بكتابة أحرف جوفاء في رسالة نصية على شاشة الهاتف الذكي، أو الكمبيوتر المحمول، دون أي أحاسيس حقيقية تعكس الفرحة والبهجة وتبادل التهاني والمباركات بين الأقرباء والأصدقاء». ويؤيد سعيد الشافعي، الرأي السابق قائلا: «الرسائل القصيرة، عبر الهواتف النقالة، التي يتبادلها الأفراد في أيام العيد، والمناسبات، مظهر يعكس خطرا، يهدد العلاقات العائلية والاجتماعية، فلا يمكن الاستعانة بالوسائل التقنية، لأداء الواجب الاجتماعي»، محذرا من أن استمرار الأمر على هذا المنوال، يفاقم مشكلة التباعد بين أفراد المجتمع، في المستقبل، ويخلق عزلة اجتماعية تتسم بالجفاء، وطمس معاني ومشاعر التواصل والألفة والمحبة بين الأقارب والمعارف. خبيرة اجتماع: لا تبالغوا في الخوف من التقنية الحديثة من جانبها دعت الدكتورة، فوزية باشطح، عضو هيئة التدريس بقسم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة الملك عبدالعزيز، إلى عدم المبالغة في الخوف من تأثير القتنيات الحديثة، على تماسك المجتمع قائلة: «لا أرى أن المعايدة وتبادل التهاني، عبر رسائل الهواتف المحمولة، يمكنها أن تحد من الزيارات العائلية والاجتماعية، وأعتبر تلك نظرة مبالغا فيها، إذ لا يزال الأفراد في مجتمعنا يحافظون على عاداتهم المتوارثة، ولقاءاتهم العائلية والاجتماعية بشكل كبير». وعن مدى تأثير المعايدات الالكترونية على المجتمع قالت: «أرى أن هذه التقنيات الحديثة، لها آثار وفوائد إيجابية، فقد ساعدت كثيرا من الأفراد على التواصل مع الآخرين، في ظل الانشغال، بأوقات العمل والمسؤوليات الشخصية، خاصة أنها تتسم بالسهولة والسرعة، كما ساعدت على تقريب الأشخاص من بعضهم البعض، وكسر حاجز المسافات بيهم ولا شك أن المعايدات ولو كانت إلكترونية تعكس مدى التواصل الاجتماعي». التقنية الحديثة تساعد على التواصل في المقابل تقول رنا عادل: «انتشار الهواتف الذكية، واتساع نطاق مستخدمي تطبيقات المحادثات التقنية الحديثة، مثل: واتساب، وسناب شات، وغيرها؛ ساعد كثيرا من الأفراد على التواصل مع شريحة كبيرة من الأصدقاء، والمعارف، بأقل التكاليف، ودون التقيد بموعد زمني لذلك، فأصبحت المعايدة الإلكترونية مظهرا من مظاهر تبادل التهنئة، والمباركات في المناسبات الاجتماعية والأعياد». وتقول أمل سلمي: «لا شك أن أجهزة الهواتف النقالة الحديثة، أصبح لها دور في التواصل الاجتماعي، سواء في الأعياد، أو الأفراح، أو غيرها، ويلجأ إليها الأفراد كوسيلة سهلة وسريعة، لتبادل التهاني، بدلا من الزيارات، والتواصل المباشر».