بعد الانتهاء من أداء صلاة العيد في مصلى بمدينة جدة، اصطحب سعيد المرزوقي (56 عاما) أبناءه الثلاثة بسيارته، معتقدين بادئ الأمر أنهم متوجهون لشراء الإفطار أو التنزه في الكورنيش، وما هي إلا لحظات وإذا هم بجوار مقبرة أمنا حواء حيث أخبرهم والدهم أن عليهم زيارة جدهم (والد أبيهم) والترحم عليه، حيث يتوجه كل عام أكثر من 2000 زائر، بعد الانتهاء من صلاة العيد لزيارة مراقد أهلهم وذويهم وأحبابهم، حيث يرقد هناك أكثر من 2000 جثمان. أما خالد سالم (18 عاما) فقد ظن للوهلة الأولى أن أخاه الأكبر سعود (35 عاما) سيتجه بهم إلى أحد مطاعم الوجبات السريعة لشراء الشاورما وبعض العصائر، إلا أنه تفاجأ حينما علم أنه يقصد مقبرة الأسد بباب مكة لمعايدة والده، الذي يأتي عليه هذا العيد وهو في قبره للمرة الأولى، فعند المرور بعد صلاة العيد عند أشهر مقبرتين في منطقة البلد، وهما أمّنا حواء، والأسد، تجد مئات الرجال متوجهين إلى المقابر في أحلى حلة، وذلك بعد أداء صلاة العيد؛ حيث يقصدونها ليس لدفن ميت أو انتظار جنازة، بل للترحم على متوفى لهم فيها، في عادة سنوية اعتادت عليها بعض الأسر كنوع من الوفاء والتذكار لهم- كما يقولون. وبعد أن مكث فؤاد أحمد على قبر أخيه المتوفى منذ 7 أعوام متجها شطر القبلة دعا له بالمغفرة والرضوان، وقال: «آتي إلى هنا كل عيد، ففرحة العيد لم تنسني حزني على فراق أخي، فأدعو له، وكم كنت أتمنى أن يكون معنا يشاركنا فرحة العيد» ويقول: «بهجة العيد والفرحة لم تنسني حزني على أخي الذي فارق الحياة منذ نحو 7 أعوام، وأضاف: أنه يحرص على زيارة أخيه بين الفينة والأخرى، وقال: أدعو له في العيد مصطحبا معي أبنائي ليشاركوني الدعاء. وفي زاوية أخرى من مقبرة (أمنا حواء) لفت انتباهنا منظر عدد من الشباب المكتسين حلة العيد، حيث ظلوا قرابة العشر دقائق متواصلة وهم يرفعون أكفهم بالدعاء إلى الله بالمغفرة والرحمة لموتاهم، وبعد أن اقتربت من أحدهم مهنئا بالعيد، رد علي: (وأنت بخير) العيد يا أخي هو وجودك بين من تحب، فما قيمة العيد عندي هذا العام، وأنا فقدت أغلى إنسان في وجودي، أعني والدتي، فقد اعتدت كل عام بعد أداء صلاة العيد أن أذهب برفقة زوجتي وأبنائي إلى والدي ووالدتي في بيتهم العامر لتهنئتهم بالعيد، لكن هذا العام فقدت والدتي، فقررت أن ألا أحرم نفسي من زيارتها حتى ولو كانت تحت التراب.