ينتعش في رمضان سوق العمل لعشرات الأطفال في محلات بيع الكبدة والمقليات والسوبيا والحلويات الحجازية، حيث يتكاثرون في بعض الطرقات الرئيسية والأسواق الشعبية وأمام المحلات التجارية، لاستغلال وقت الفراغ في عطلتهم الرسمية، حيث يعتبرها البعض فرصة موسمية للعمل في شهر رمضان الكريم لزيادة الدخل المادي للأطفال والأسر. ومساء عندما تدخل لأي حارة من حارات جدة، قد تجد أطفالًا وشبابًا بالحي متجمعين على «الفرفيرة وبسطة البليلة» يأكلون ويلعبون مستمعين بالأجواء الرمضانية، بينما تجد صاحب البسطة طفلًا لا يتجاوز عمره 13 سنة. «المدينة» التقت عددًا من الأطفال العاملين بالبسطات في شهر رمضان، لتتعرف منهم على طبيعة عملهم ودافعهم إليه. يقول الطفل أيمن السعيدي: أعمل مع أبي في هذه البسطة كل رمضان منذ أن كان عمري 5 سنوات، حين كانت تقتصر مهام عملي على مراقبة والدي وعمي وهما يطهوان الكبدة، لكن الآن بعد أن كبرت أصبحت أباشر الزبائن وأقوم على خدمتهم. ويتابع: بحسب ما أخبرني والدي وعمي الكبير، فإنهما لم يصبحا صاحبي بسطات موسمية معروفة ولهما زبائنهما ممن يأتونهما من بعيد إلا بعد أن كانا صبيين عند آبائهما مثلي يتعلمان سر هذه المهنة، التي لا ريب تأتي مع الممارسة. اكتساب الخبرة ويرى الطفل محمد عبدالرحمن، 16 عامًا، أن شهر رمضان فرصة لاكتساب الخبرات في الحياة العملية على الصعيد المهني، مؤكدًا أن عمله في هذا الشهر لا يعتبر مجرد وظيفة تدر له دخلًا، أو تشغل وقت فراغه، بقدر كونها مهنة عائلته التي اشتغلت بها من عشرات السنين في بيع المنتو واليغمش خلال عشرات السنين. أوقات الفراغ راكان محمد الغامدي 13 عامًا، يعمل كمباشر بإحدى البسطات الرمضانية بأحد الأسواق الشعبية، يقول: «وجدت في شهر رمضان الكريم فرصة حقيقية للعمل، ومدخل رزق، لا سيما أنني في عطلة رسمية، وأن مهام عملي تتناسب مع إمكاناتي وقدرتي الجسدية»، مؤكدًا أنها ليست المرة الأولى التي يعمل فيها، وأن هناك الكثير من الأطفال الذين يعملون في رمضان، وغيره من أيام السنة لأسباب مختلفة، مبينًا أن بعض الأطفال يشتغلون في هذا الشهر تحديدًا ليستعدوا للعيد دون الضغط على أسرهم. وأكد فارس حسن 14 عامًا ويعمل مع أبيه ببسطة رمضانية لبيع الحلويات الحجازية أن البيع والشراء في الحلويات علمه أن لديه تراثًا وتاريخًا في الحلويات، وقال: أتاني الفضول أن أتعرف على كل الحلويات الحجازية القديمة مثل «اللبنية واللدو المكاوية والمشبك» فهذا من فوائد العمل في هذا الشهر الفضيل. بعد المغرب ويقول وفي علي: «أعمل على لعبة الفيرفيرة وبسطة بليلة في حي السليمانية منذ عامين مع أخي الأكبر، ويعتبر أفضل وقت هو شهر رمضان الفضيل، فوقت الفراغ موجود ولا يبدأ تجمع الأطفال في الحي إلا بعد صلاة المغرب، وأبدأ بإنزال اللعبة والبليلة التي تطبخها أمي في البيت وأبيع الصحن بريالين، واللعبة بريال للطفل الواحد». وقال المحامي سعيد غرم الله الغامدي إن عمل الأطفال في رمضان بالبسطات وبيع المأكولات عمل إيجابي ونظامي طالما أنهم حاصلون على الاشتراطات من تراخيص من البلدية، وأيضًا هي فترة يشغلون أنفسهم بما يعود عليهم بالنفع، وهذا الأمر أصبحنا معتادين عليه في كل رمضان، وهي ليست جريمة طالما يعملون في أماكن مناسبة ودون إرهاق.