أعلم علم اليقين، ومعه عين اليقين، أنّني كتبْتُ في السابق عن تكاثر الفئران في جدّة، في الأحياء السكنية الراقية كما في الأحياء الشعبية، فلا فرق بين الأحياء في نظر الفئران، كلّها سواء، وأنا أحترم الفئران في هذه الجزئية فقط!. وكتبْتُ أيضاً عن طفرة جينية للفئران، وتحوّلها لجُرذان ضخمة وشرسة يهابُها الإنسان كما هابتها القطط في ظاهرة غريبة هي عكس الفطرة المألوفة عن هذيْن المخلوقيْن اللدوديْن!. واليوم أكرّر الكتابة، لعلّ التكرار يحثّ جهاتنا المعنية على التشطّر ومعالجة المشكلة التي تضاعفت وصارت جِدُّ خطيرة، فالجُرذان أصبحت تُرى في الأحياء ليلاً ونهاراً بحجمها الذي يُقارب حجم الأرنب، ولونها البُنّي الغامق، وهي تُشبه القنفذ الصحراوي القبيح، وتتجوّل في الشوارع واثقة الخطوة، والله وحده أعلم بأعدادها الكثيرة، وتتناسل بهمّة ونشاط، وتتّخذ لها جحوراً آمنة تحت وبين شقوق أرصفة الشوارع المهترئة التي أهملتها الأمانة لعقود بلا ترميم، وفي محيط قواعد محطّات التوزيع الكهربائية الفرعية التي أيضاً أهملتها شركة الكهرباء، ولا أستبعد أن تكون قطوعات الكهرباء المتكرّرة بسبب قَرْض الجُرذان لتجهيزاتها وكيبلاتها، وكذلك في بيّارات المنازل التي لم تُوصَّل بشبكة المجاري، فإن وُصِّلَت بالشبكة فتتّخذها الجُرذان قاعدة انطلاق لها بسبب إهمال شركة المياه هي الأخرى!. ليتنا نكافح هذه الجُرذان الفاسقة بِجِدّية، قبل أن يستفحل أمرُها وتُورّثنا مشكلات بيئية وصحية بالأمراض التي تنقلها، وبالفساد الذي تعيثه، تماماً كما فعل بعوض الضنك وغُرْبان الكورنيش من قبل، والجهات التي ذكرْتُها قادرة على مكافحتها إن أدّت كلّ جهة ما عليها بإخلاص وتعاونت مع بعضها، بدلاً من انتظار كلّ جهة أن تقوم الأخرى بالمهمّة، ولا أنسى تعاون المواطن والمُقيم في إبقاء الشوارع نظيفة، وليكن شعارنا (جدّة بلا جُرذان)، نُطبّقه بالقول والفعل!