أمس الأحد فقدت الصحافة العربية ملكها تركي السديري رحمه الله وغمره بالإحسان وأسكنه الجنان. الفقيد الكبير رأس هيئة الصحفيين السعوديين واتحاد الصحافة الخليجية. قاد -رحمه الله- صحيفة الرياض العريقة محافظًا على مكانتها في صدارة الصحف السعودية لأكثر من أربعة عقود، بعد أن تدرج من محرر رياضي إلى سكرتير تحرير إلى رئيس لتحريرها. شهدت صحيفة الرياض في عهده تطورًا نوعيًا، وقفزات مشهودة، ساهمت في المحافظة على مكانة الصحيفة الأكثر توزيعًا واستقطابًا للإعلانات. سيرة تركي السديري الذاتية لا يمكن اختصارها، لكني سأذكر موقفين للفقيد -رحمه الله- معي الأول حين هاتفته لطلب مشاركته في ندوة نعقدها في الملتقى الرابع الذي تنظمه الإدارة العامة للعلاقات والإعلام بوزارة التعليم حول العلاقة بين الإعلام والوزارة وكان حينها في رحلة علاجية، فاعتذر عن الحضور شخصيًا للظرف الصحي ووجوده خارج المملكة فطلبت منه إيفاد من يمثله ويمثل صحيفة الرياض فقال: سأرسل لكم شخصًا أهم مني أنشر كلمته في الصفحة الأولى «الرياض» ويقصد الأستاذ يوسف الكويليت. وحين رغبت في نشر قصيدة «من بادي الوقت» الموجهة لوزير التعليم آنذاك صاحب السمو الملكي خالد الفيصل وهي مجاراة لقصيدته «من بادي الوقت» قال رحمه الله (ممازحًا): «سأمنحك خصمًا جيدًا، ادفعي فقط ثمانين ألف ريال لصفحة كاملة ملونة»، فقلت له: «ولا ثمانية آلاف، أنا الديون تمشي على الأرض» فقال ضاحكًا: «يعني تريدين النشر مجانًا (ما يصير) لك صفحة ملونة مجانًا، أنا تربطني علاقة وطيدة بالأمير والقصيدة ممتازة وأنت تستحقين» وبالفعل نشر القصيدة على صفحة كاملة بالألوان. اليوم ننعي فقيد الصحافة الكبير وتواضعه الجم واحتواءه العريض لكثير من الكتاب والكاتبات والصحافيين والصحافيات في المملكة بتشجيعه ودعمه وأريحيته. رحم الله أبا عبدالله وأسكنه فسيح جناته، تعازيّ لأسرته وأحبته ولعموم منسوبي الصحافة السعودية والعربية.