أحكي لكم قصة صديقنا ناصع، الذي أصابه مرض الهوس بالنظافة واشتهر بعداوته للوسخ، يعظم اللباقة واللبقين، يغسل يديه بعد كل مصافحة أو لمسه لمقبض الباب، ينتقي أغلى المعقمات والمطهرات لمنزله، ممتلكاته دائمة النظافة، سيارته يغسلها بعد كل غيث وغبار، ويدفع جل ماله في سبيل النظافة. رغم كل هذه الإجراءات، التي يتخذها ليبدو نظيفا إلا أنه يشعر بأنه لا يزال متسخا!. هذا الشعور سبب له انعدام الثقة بالنفس، والانطوائية، حتى أن علاقته بالناس بدأت تسوء.. لم يستسلم، دفع كل ما في جيبه لأشهر الأطباء النفسيين ليخلصوه من أزمته.. لم يعرف حل علته سوى كهلٍ يعالج بالكي، ناصع ذهب إليه، وحين رأه الكهل استقامه وقال: علاجك يا ولدي في يدك، أدعك قلبك جيدا تحت مزاريب المطر!. يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «ألا إن في القلب مضغة إذا صَلُحت صَلُح الجسد كله...» الذين يتميزون برثاءة الثياب وسلامة القلب هم أنظف من نظيفي الثياب متسخي القلوب.. المظهر لم يكن يوما عاملا في علاقتك مع الناس، حتى الذين يقدسون المظاهر سيهملونها عندما تنكشف حقيقة القلوب، والزمن يثبت أنه لم يبق في القلب من الراحلين سوى سليمي القلوب.