هذه الورقة لم تكن فارغة!! إنها فاتورة تسوق من إحدى مكتبات هذه البلدة، مضت بضع شهور، كانت تختبئ هذه الفاتورة بين الأوراق الأخيرة للكتاب، محظوظة هي، لم يؤد بها الحال كغيرها من فواتير الشراء إلى القمامة أو التمزيق أو ما شابه.. سبب وجودها بين أوراق الكتاب لأنها تنتمي إليه، هي من افتعلت وجود الكتاب، هي المتسببة في وجوده، هذا قبل أن نبحث عن أسباب وجودها. ولكن لم تعد تلك الفاتورة تحتوي على أية رقم أو رمز أو إثبات، زال كل ما عليها بالفعل، لم يتبق لها أية أثر، فقط أصبحت ورقة بيضاء، لذلك أكتب عليها الآن. سأخبرك بأمر فهمته من تفاصيل هذه الفاتورة، ما كتب على ظهر فاتورة الشراء اختفى تماما، وما كتب على أوراق الكتاب لا زال باقيا. إن أوراق الكتاب كتبت بعناية وبدقة ولهدف كل هذا خلق لوجوده قيمة فاستحق البقاء، ولكن هذه الفاتورة البائسة كان هدف وجودها إشعارا للعميل بعملية الشراء فقط. الشاهد هنا.. لا تكن مجرد أشعار، كل الإشعارات تنتهي بالاختفاء بعد تنفيذها، اجعل لنفسك قيمة لتبقى حيا دائما، إن لم يخلد جسدك، خلد أفكارك، خلد أخلاقك، خلد عملك الصالح، تستطيع أن تخلد الكثير. عدد الموتى فائق جدا ولكن منهم مازالوا أحياء إما بكتاب بين يديك أو اختراع تستهلكه أو عمل خير لم ينقطع أو حتى ذكرى حسنة، إنهم استحقوا وبجدارة الوجود إلى الأبد.. فإن لم تجعل لنفسك سببا للوجود سيؤدي بك الحال إلى مصير فاتورة الشراء هذه. إذا قرر عندما تموت أن لا تختفي إلى الأبد.