أكد قنصل الولاياتالمتحدةالأمريكية في جدة ماتيس جي ميتمان أن العلاقات السعودية الأمريكية تتمتع بالمتانة والقوة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسات والأمنية والتعلمية وأن بلاده تتطلع إلى المزيد من التعاون مع حكومة المملكة لإيجاد حالة الاستقرار وإنهاء الصراعات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط. وأوضح القنصل الأمريكي خلال حواره ل»المدينة» أن الولاياتالمتحدة تدعم رؤية المملكة 2030 وتبحث الشركات الأمريكية توسيع أنشطتها التجارية في السعودية بينما تعمل بلاده بالتنسيق مع حكومة المملكة لجعل الاستثمار في المملكة أكثر سهولة وجاذبية وأشار إلى أن صناعة التعدين بالمنطقة الغربية واحدة من أهم الصناعات التي تستهدف الشركات الأمريكية الاستثمار فيها. وأكد ميتمان أنه لا توجد أي تغييرات جديدة تتعلق بإجراءات الحصول على تأشيرات السعوديين بغرض الدراسة أوالزيارة أوالسياحة وأن 99 %من الطلاب السعوديين في الولاياتالمتحدة ملتزمون بالقوانين والأنظمة المعمول بها في بلاده. وأشار إلى أن زيارته إلى منطقة المدينةالمنورة شهدت العديد من الاجتماعات المميزة والمثمرة امتدت ل 36 ساعة، وكان من أهمها الالتقاء بصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة، الذي يحرص على توسّع الاقتصاد المحلي وخلق المزيد من فرص العمل الموجهة لأبناء المدينةالمنورة، وأبدى القنصل الأمريكي إعجابه بالتجربة الفريدة التي حظي بها الحي النموذجي في حمراء الأسد بالإضافة إلى اللمسات الجمالية التي حولته إلى «قرية نموذجية».. فإلى نص الحوار: الاستثمار في المملكة • بالحديث عن الجانب الاقتصادي.. ذكرتم في لقاء سابق أن هناك عقبات تواجه الشركات الأمريكية في مجال الاستثمار.. هل ناقشتم ذلك مع مسؤولي المملكة للمساهمة في توسع الأنشطة التجارية؟ نعمل بالشراكة مع حكومة المملكة لجعل الاستثمار في المملكة أكثر سهولة وجاذبية وناقشنا عددًا من الموضوعات مع المسؤولين والجهات الحكومية ذات العلاقة لإيجاد حلول لتلك العقبات وأعتقد أن من أهم الجوانب في ذلك هو الفهم الجيد بالنسبة للشركات الأمريكية للقواعد والأنظمة المعمول بها في المملكة، ونعمل من خلال سفارتنا بالرياض بتناول هذه الموضوعات وكذلك من خلال الاجتماعات المستمرة مع مسؤولي الجهات الحكومية بالمنطقة الغربية، وخلال زيارتنا لمنطقة المدينةالمنورة على سبيل المثال خرجنا بلقاء فعال وإيجابي مع الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة وأعضاء الغرفة التجارية وكذلك رجال الأعمال بالمدينة لبحث إمكانية تسهيل دخول الشركات الأمريكية للعمل بالمنطقة وكذلك بحثنا وسائل لمساعدة الشركات السعودية للعمل في الولاياتالمتحدة ونحن نقوم بذلك من خلال تسهيل إجراءات سفر الوفود السعودية إلى بلادنا. وصناعة التعدين بالمنطقة الغربية واحدة من أهم الصناعات التي أشار إليها المسؤولون السعوديون نظرًا لأن هذه المنطقة غنية بالخامات والمعادن وفي هذا الإطار قام سفيرنا في ذلك الوقت على رأس وفد يضم 60 شخصًا بينهم رجال أعمال سعوديون بزيارة معرض التعدين في الولاياتالمتحدة للالتقاء بالشركات المتخصصة في هذا المجال وأبدى الكثير من رجال الأعمال رغبتهم في المساعدة في تطوير هذا القطاع المهم، هناك العديد من الأمثلة الحية التي تؤكد إلى مدى الشراكة والتعاون بين البلدين على الجانب الاقتصادي ونعمل على تذليل بعض المعوقات التي قد تواجه رجال الأعمال الأمريكيين سواء المتعلقة بالتأشيرات أوالجمارك من خلال تكثيف الاتصالات مع الجهات المختصة في المملكة. الاتفاقيات الاقتصادية • العديد من الاتفاقيات الاقتصادية وُقعّت خلال زيارة سمو ولي ولي العهد إلى الولاياتالمتحدة.. برأيكم كيف يمكن تعزيز هذه الشراكة في ظل توجه الدولة للتنوع الاقتصادي من خلال رؤية المملكة 2030 ؟ - هناك العديد من الوسائل التي يُمكن استخدامها لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين والتي من أهمها المساعدة في تحديد الفرص الأعمال التجارية ويتجلى هذا الأمر من خلال الزيارات التي تقوم بها القنصلية الأمريكية العامة لعدد من مدن المنطقة الغربية كالمدينةالمنورة وأبها والطائف بالإضافة إلى المدن الكبرى الواقعة على الساحل الغربي ونعمل للتواصل المستمر مع المسؤولين ورجال الأعمال للتعرف على المستجدات في جميع المجالات. وتدعم الولاياتالمتحدة توجه المملكة ضمن رؤية 2030 ونعتقد أنه من المهم تنويع مصادر الاقتصاد وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية وتوسيع قاعدة الايرادات الحكومية، وتجدر الإشارة إلى أن الجامعات تشكل دورًا مهمًا في هذا الإطار نظرًا لأن تنويع المصادر يتطلب توفير مناهج التدريب السليمة في النظام الجامعي وكذلك وتطوير المهارات اللازمة لدى الطلاب لتعزيز التوطين في الوظائف ذات الأجور العالية. قانون التأشيرات • عدد الطلاب المبتعثين في الولاياتالمتحدة تجاوز ال 100 ألف طالب وطالبة.. كيف تنظرون إلى هذا العدد.. وهل هناك تغييرات على قانون التأشيرات؟ اعتقد أن المملكة استفادت بشكل كبير من الطلاب السعوديين الذين حصلوا على التعليم الجامعي في أفضل الجامعات الأمريكية وفي الحقيقة الطلاب السعوديون هم من بين أكثر الطلاب تفوقًا في الجامعات الأمريكية، أما فيما يتعلق بالإجابة حول التأشيرات فإنني أؤكد أنه لا يوجد أي تغييرات جديدة تتعلق بإجراءات الحصول على (تأشيرة طالب) للسعوديين وحتى تلك المتعلقة بتأشيرات الزيارة أوالعمل أوالسياحة فإن القنصلية تستقبل الراغبين في الحصول على التأشيرات من طيلة أيام العمل ويتم جدولة مواعيد المقابلات بشكل منتظم. وفي الواقع نحن نهتم بشكل خاص بمن يتقدم للحصول على تأشيرات الطلاب ونبذل قصارى جهدنا لتسريع عملية حجز المواعيد والتأكد من إجراء المقابلات ومنح التأشيرة، و99 %من الطلاب السعوديين يراعون القوانين في الولاياتالمتحدة ويحصلون على التأشيرات الدراسية وليس لديهم أي مشكلات في التأشيرة أوحركة التنقل بين الولايات والمملكة أما فيما يتعلق بفاقدي التأشيرة بسبب عدم الالتزام بالقوانين فهم نسبة ضئيلة جدًا. حصاد الاجتماعات • التقيتم خلال زيارتكم للمدينة المنورة بعدد من المسؤولين.. ماهي نتائج تلك الاجتماعات؟ - أنه لمن دواعي سروري أن أزور المدينةالمنورة وحظينا باجتماع مميز مع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير المنطقة، وناقشنا العديد من القضايا والمهام التي تضطلع بها القنصلية الامريكية في المنطقة الغربية وبحثنا كذلك مستوى التنسيق مع إمارة المنطقة في عدد من المجالات، أعتقد أن أمير المدينة رجل متميز وفخر للمنطقة أن تحظى بمسؤول مثله وأتطلع إلى مزيد من توثيق علاقات التعاون بشكل أكبر خلال فترة عملي كقنصل عام في جدة. لقد تحدثنا مع سمو أمير المنطقة عن التعاون الاقتصادي بالإضافة إلى بحث الوسائل التي تمكن الشركات الأمريكية من التعاون مع نظيراتها المحلية للتعرف على الفرص الاستثمارية وكذلك الجوانب التي يمكن أن نساهم بها في منظومة التنمية الاقتصادية، كما تعرفنا من خلال الحديث عن الخدمات التي تقدمها الإمارة ومشروعات توسعة المسجد النبوي الشريف وبعض الفرص التجارية ومبادرات رواد الأعمال بالمنطقة والتي من بينها مبادرة صُنع في المدينة التي تهدف لصناعة منتجات وخدمات يُمكن تسويقها للحجاج والمعتمرين، كما تحدث سموه عن رغبته في توسيع وتنويع الاقتصاد المحلي لخلق المزيد من فرص العمل للسعوديين والبحث عن سبل مساهمة الشركات الأمريكية سواء عن طريق بيع المنتجات أوإقامة الشراكات. أما عن التبادل التعليمي والثقافي الجاري بين البلدين فلقد اجتمعنا عقب جولة لجامعة طيبة مع أعضاء هيئة التدريس وقيادات الجامعة والطلاب وتعرفنا على سير العملية التعليمية هناك، ونعمل على تشجيع تمكين المرأة وعندما تحدثنا مع إدارة الجامعة علمت بأن ثلثي الدارسين في الجامعة هم من فئة الطالبات وهذا الأمر باعتقادي يؤهلهن علميًا لتحسين مهاراتهن العملية كما تحدثنا عن طبيعة برامج التبادل التعليمي سواء كانت الخاصة بأعضاء هيئة التدريس من خلال برنامج فولبرايت الذي يُقدم المنح الدراسية أوغيرها من البرامج القصيرة بدعم من القنصلية الأمريكية لخدمة القادة الشباب من خلال البرامج وطرح الأفكار والتعريف بالمبادئ والقيم التي لدينا في الولاياتالمتحدة، وحرصن خلال زيارتنا على اصطحاب وفد متخصص للإجابة على كافة التساؤلات والاستفسارات المتعلقة بالتأشيرات الدراسية. في الحقيقة حظينا بالعديد من الاجتماعات المتواصلة امتدت ل 36 ساعة وتعرفنا على عدد من المشروعات وخطط تحسين البنية التحتية ومشروع المترو والسكك الحديدية لاستيعاب عدد أكبر من الحجاج والمعتمرين خلال زيارتي لهيئة تطوير المدينةالمنورة كذلك التقيت مع أمين منطقة المدينةالمنورة وإدارة مدينة المعرفة الاقتصادية وعند زيارتي لمجمع طباعة المصحف الشريف التقيت بإدارته وتعرفنا على كيفية طباعة القرآن الكريم وأطلعنا على ترجمات مختلفة، وفي الحقيقة أنها هي المرة الأولى التي أتعرف فيها على كيفية توزيع القرآن مجانا كهدية من المملكة لجميع المسلمين في أنحاء العالم، كما تضمنت زيارتي أيضًا لقاءات مع رئيس الغرفة التجارية بالمدينةالمنورة ومنظومة نماء المدينة التي أنشئت للمساعدة في تعزيز مبادرات رواد. جودة الخدمات • تزامنت زيارتكم للمنطقة مع موعد مشاركة الشباب والشابات في فعاليات منتدى المؤتمرات والمعارض.. ما هي انطباعاتكم عن المنطقة وأبنائها؟ - لقد أعجبت جدا بديناميكية القيادة الشابة في المدينةالمنورة ومدى الاستفادة من التقنيات الحديثة وتسخيرها لتحسين جودة الخدمات المقدمة لسكان المنطقة ولقد تعرفت على رؤية إمارة المنطقة من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لضمان وصول 164 نوعًا من الخدمات المختلفة التي تلبي احتياجات السكان المحليين، لقد أعجبت جدًا باستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في هذا المجال كما أود الإشارة إلى دور مدينة المعرفة الاقتصادية في استخدام التقنيات المتقدمة كأساس لتطوير خدماتها وخطتها لجذب رجال الأعمال وطرح البرامج التي تعرف على حاضنات الأعمال وتعزيز روح المبادرة، لقد خرجت بانطباع جيد حول خطة تطوير المنطقة المركزية وإيجاد السبل للاستفادة من زوار المنطقة وتحقيق العوائد المادية التي تسهم في تحقيق النمو الاقتصادي وتطوير القطاع الخاص. العلاقات التاريخية • تأسست العلاقات السعودية والأمريكية منذ أكثر من 80 عامًا على تحالفات متينة.. في رأيكم كيف يمكن استثمار هذه العلاقات التاريخية لتحقيق المصالح المشتركة؟ بالفعل.. العلاقات بين البلدين قوية جدًا في العديد من المجالات وتعتبر الشراكة بين الولاياتالمتحدة والمملكة من أمتن وأقوى الشراكات وأتوقع أن تستمر هذه العلاقة، ونحن في الولاياتالمتحدة نتطلع إلى المزيد من الوسائل التي تعززها، فعلى سبيل المثال تعتبر رؤية المملكة 2030 وخطة التحول الوطني 2020 من البرامج التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد وتقلل الاعتماد على الصادرات النقطية والغاز ومواد الهيدروكاربون، كما تعزز من فرص مشاركة القطاع الخاص الذي يعتبر لدينا من أكثر القطاعات الاقتصادية حيوية وقوة وهوما يجعل الشركات الأمريكية تتربع على قائمة أفضل الشركات العالمية. فعلى الجانب الاقتصادي منذ الإعلان عن رؤية 2030، قامت العديد من الشركات الأمريكية بوضع خطط لزيادة حجم الاستثمارات في المملكة كما هوالحال مع شركة جنرال إليكتريك وكذلك شركة بيبسي كولا التي تقوم حاليًا ببناء مصنع جديد للتعبئة بمحافظة جدة بالإضافة إلى العديد من الشركات الامريكية بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تتطلع إلى توسيع أنشطتها خصوصًا في الظل المزايا التي توفرها المدينة الاقتصادية، لذلك أننا سنستمر في زيادة حجم النشاط التجاري بالمملكة التي تعتبر من أكبر الأسواق في المنطقة. كما سنستمر في تعزيز شراكتنا القوية في الجانب الأمني ونحن قلقون مما يحدث من تطورات في دول الجوار سواء في اليمن أو سوريا أو العراق ونعمل من خلال التنسيق المشترك لتوحيد سياستنا تجاه تلك القضايا ونحن نريد أن نرى هذه المنطقة مستقرة وآمنة لذلك نحن نعمل بالتنسيق مع المملكة لإنهاء الصراعات التي تدور في تلك الدول بالوسائل السلمية والدبلوماسية والتقليل من مخاطر تلك النزاعات والتقليل من تداعياتها وضررها على المملكة وكذلك على الولاياتالمتحدة. الحي النموذجي • زرتم الحي النموذجي (المطور) في حمراء الأسد ماهو انطباعكم عنه؟ في الواقع هذه التجربة التي وقفت عليها، كانت أحد الشواهد التي أدهشتني بالمدينةالمنورة فما يُعرف ب»الحي النموذجي» وهوعبارة عن مشروع تطويري لسلسلة من المنازل التي تم بناؤها إلى حد ما بشكل مختلف عن نظام البناء المتعارف عليه، وبدلًا من هدم تلك المنازل تم الاستعانة ببعض المهندسين المعماريين والفنانين لتطوير وتحسين الصورة البصرية لها دون الحاجة لإفراغ الساكنين منها، لقد استمعت بمشاهدة تلك المنازل التي أضاف عليها الفنانون، لمسات جمالية وفنية وأعُيد تصميمها لتبدو أكثر جاذبية وجمالًا وجعل سكانها أكثر سعادة وفخرًا للعيش بها بعد إعادة بنائها بنسق جميل لتصبح بالفعل قرية نموذجية.. فعلًا لقد كان الأمر إنجازًا في غاية الروعة.