في السنوات الأخيرة، ومع انتشار الهواتف الذكيَّة المزوَّدة بكاميرات، انتشرت معها ظاهرة التصوير، وأصبح التوثيق والتقاط الصور والفيديوهات ظاهرةً اجتماعيَّةً منتشرةً بين الجنسين. فلا تكاد تخلو مناسبة اجتماعيَّة، أو تجمُّع عائلي من التصوير، بل أصبح في أماكن وأوقات غير مناسبة، مثل: العمل، والمستشفيات، والمساجد أيضًا. أصبح التقاط اللحظات، ومشاركتها في مواقع التواصل الاجتماعي الشغل الشاغل للكثيرين، لدرجة وصلت فيها للتعدِّي على حرِّيات الآخرين وخصوصيَّاتهم. فكثيرًا ما نسمعُ آباءً يهدون أولادهم الصغار جوَّالات، ثمَّ يتشاركون مع أولادهم الصور والفيديوهات في جروبات عائليَّة، وتكون المفاجأة أنَّ بعض هذه الصور والفيديوهات قد انتشرت في مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ. وأيضًا في حفلات الزفاف المخصَّصة للنساء، تجدُ بعضَ الفتيات يُصوِّرن أنفسهنَّ أثناءَ الحفل، مع التقاط بعض الصور للحاضرات، سواء بقصدٍ أو عدم اكتراث من ظهورهنَّ معهنَّ في الصور، وطبعًا دون علمهنَّ، ولا يخفى على الجميع أنَّ النساء يَكُنَّ بكامل زينتهنَّ. وهناك أشخاصٌ يحرصون على تصوير المواقف الحرجة والطارئة، كوقوع حادث أو شجار، وبدلاً من أن يقوم بالمساعدة يقف متفرِّجًا يُوثِّق تلك اللحظات المثيرة، والأدهى من ذلك، أصبحنا نشاهد فيديوهات لأشخاص في لحظاتهم الأخيرة، وهم يُفارقون الحياة أمام الكاميرات، ليست مشهدًا من فيلم، بل هي واقع أن يموت شخص أمام الكاميرا، دون أن يتحرَّك المُصوِّر لنجدته. فمَن المسؤول عن انتشار هذه الثقافة في مجتمعنا؟ ولماذا أصبحنا هكذا؟ هل مات الإحساس لدرجة أنَّنا لا نحترم حقوق الآخرين وخصوصياتهم؟ ومَن المسؤول عن توعية المجتمع حيال ثقافة التصوير؟ هل هي مسؤوليَّة الآباء وحدهم، أم مسؤوليَّة الجميع؟ لقد نشأنا في مجتمع إسلامي محافظ على قيمه الدينيَّة وعاداته.. وانتشار صور وفيديوهات النساء قد يُولِّد مشكلات اجتماعيَّة. فمتى نعي أنَّ الحريَّة الشخصيَّة في احترام حريَّات الآخرين، وعدم التعدِّي على خصوصيَّاتهم؟