القلم سلاح ذو حدين؛ فله قوته وتأثيره الكبير في المجتمع، حيث من الممكن أن يقتل ويجرح أو يداوي، كما يستطيع أن يعدِل أو يظلم، فهو كالسيف بقوته وشدّة تأثيره. والكتابة ليست مجرد حروف تُسطر! بل هي مبدأ وفكر يخرج من الكاتب لملامسة عقل القارئ، مما يؤدي للتأثير عليه بطريقة غير مباشرة في العديد من الجوانب المختلفة والتي تصل إلى السلوكيات التي يتصف بها القارئ، بل وحتى من الممكن أن يتعدى ذلك ليصل لدرجة تغيير طريقة بلورة شخصية القارئ وفقاً للنهج الذي ينتهجه الكاتب، مما يجعل القارئ يعيد النظر في العديد من الأمور والمبادئ التي يتخذها ويفكر من منظور مختلف تماماً عن ذلك الذي اعتاده. فكيف لو أسيء استخدام هذا السلاح الخطير الذي من شأنه تأليب الرأي العام في المجتمع وتغيير طريقة تفكيره والتأثير على درجة ثقافته ؟ ماذا لو لم يكن لدى الكاتب المقومات المطلوبة لتسخير قلمه لخدمة المجتمع وتطويره؟ هل يوجد معايير أساسية يتم على أساسها اختيار الكتّاب لينشروا أفكارهم ويثروا العالم بها ؟ هل يوجد مقاييس لتصنيف الكاتب وإيضاح أي نوع من الكتّاب هم؟ فاليوم أصبح المجتمع على درجة عالية من الوعي الذي يمكّنه من معرفة إمكانية وفكر وتوجّه كل كاتب وذلك من خلال اللغة التي يستخدمها لكتابة مقالاته، ولكن يبقى السؤال هنا ما هي الآلية المتّبعة في اختيار الكتّاب قبل نشر كتاباتهم وتبني طريقة إخراجها للمجتمع؟ الكتابة لغة راقية تُظهر في طياتها قوة عقل الكاتب وقدرته على نقل الفكرة والمعلومة بشكل بسيط للقارئ، فهي تعكس مدى استعداده لفهم احتياجات المجتمع وإيصال صوته عبر الكلمات التي يخطها قلمه الواعي، فالكتابة قبل أن تكون تشريفاً للشخص هي تكليف من القراء، لذلك عليه أن يكون على درجة عالية من المسؤولية لتحمّل ذلك. كما يتحمّل الكتّاب في الصحف أعباء كبيرة، فالصحافة هي السلطة الرابعة في الدولة ولا تقل أهميتها عن الدور الذي يؤديه الإعلام المرئي، وهذا يعود إلى الصلاحيات الكبيرة الممنوحة للصحفيين فيما يخص حرية التعبير عن آراء المواطنين وإيصال مشاكلهم للجهات المختصة، بالإضافة إلى توضيح الحقائق للناس وهي الرسالة النبيلة التي تعد أساس عمل الصحفي، فدور الصحفي يتمثل بجمع وتحليل الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور في أسرع وقت ممكن ليبقيهم على اطلاع دائم بآخر المستجدات. وبما أن المجتمع اليوم أصبح يأخذ تصوراته من الإعلام، يجب أن يكون الإعلامي، مهما كانت الطريقة التي يوصل بها صوته، قادراً على حمل هذه الأمانة بشكل لا يسبب خللاً في هذه المهنة ذات المكانة العريقة على مر العصور. فهناك من الكتّاب من هم أساتذة ترفع لهم القبعة احتراماً لقلمهم وقوة تعبيره وروعة بلاغته في طريقة إيصال الفكرة والرأي بشكل احترافي يرقى بالمهنة. وعلى النقيض تماماً، هنالك من يؤثرون سلباً على أبناء مجتمعنا ويساهمون في تسميم عقولهم وتشويه سمعة الصحافة بالشكل الذي يسمح للبعض بالتطاول عليها وتلقيبها بالصحافة الصفراء! أخيراً، أتمنى أن يكون جميع الكتّاب على القدر المعهود من المسؤولية لأنهم جميعاً يدركون مدى تأثير كلماتهم في المجتمع وحجم الصدى الذي تتسبب به. كما أرجو أن يكون هنالك ضوابط ومعايير محددة يتم على أساسها اختيار الكتّاب، نظراً للعبء الكبير الملقى على عاتقهم.