تعهد بعض المؤسَّسات الثقافيَّة إلى أدباء ومثقفين عرب المشاركة بالكتابة عن قضايا أدبيَّة وفكريَّة، وأحيانًا يطلبون التركيز على بعض البلدان، ومع حُسن ظنِّ تلك المؤسَّسات بأولئك الكتَّاب، فإنَّ المفاجأة تحدث حينما تنشر تلك الأبحاث أو التقارير الثقافيَّة؛ ليكتشف القارئ المتابع تلك المسافة التي تفصل أولئك الكُتَّاب عن نتاج العديد من البلدان العربيَّة، وعدم متابعتهم للمنتج الأدبي والثقافي، بل عدم توفر الحدِّ الأدنى من المعرفة والاطِّلاع لهؤلاء على الحالة الحديثة والمعاصرة للفكر والأدب في تلك البلدان، حيث يظهر الكاتب وكأنَّه يعيش في فترة سابقة، ربما تزيد عن عشرين أو ثلاثين سنة عمَّا نحن عليه اليوم، وقد لا تسعفه الذاكرة إلاَّ بالنزر اليسير من ذلك، ولعلَّك تجد بعضهم يجتر بعض ما ورد في مؤلَّفات قديمة لأصدقائه ومجايليه التي نشروها قبل أكثر من ربع قرن من الزمان تقريبًا، ومع التطوُّر والتقدُّم الذي تعيشه السعوديَّة، ودول الخليج تبدو كتابات بعض الأدباء العرب عنها مصابة بالاعتلال حينًا، وظالمة أحيانًا، حينما تتجاهل نتاج أجيال من الأدباء والمبدعين الفاعلين الذين قدموا أعمالاً رائعةً ومؤثِّرةً تجاوزت حدود الوطن العربي، وأخذت مساحات إعلاميَّة جيدة، وبعضها ترجم إلى لغات أجنبيَّة، ولكنَّها مع ذلك لم تطرق عقل وذاكرة من يعيش في وهم وعقد غريبة، تصدُّهم عن متابعة الجديد من إنجازات بدو الجزيرة على حد تعبير أحدهم، الأمر الذي يجعل مؤسَّساتنا الفاعلة في حاجة لمراجعة تعاملها مع عدد من الأسماء العربيَّة التي يحاصرها هذا الغبار.