رحل عملاق التاريخ وعلامة التاريخ العلامة الحجة الشيخ حمد الجاسر الذي اثرى المكتبة العربية بنوادر الكتب القيمة التي نفاخر بها بما تحويه من نفائس العلوم التاريخية والجغرافية وأخبار الأمم والممالك في الجزيرة العربية. الجاسر الذي يعتبر بحق علامة الجزيرة العربية رجع له الكثير الكثير من كتاب التاريخ فحيثما تجد الحديث عن تاريخ الجزيرة العربية لا بد ان تجد حمد الجاسر فبدون الرجوع الى علمه يكون الكلام ناقصا غير واف. كانت المراسلات بيني وبين استاذي ومعلمي الفاضل كثيرة وقد التقيت أول مرة مع الشيخ حمد الجاسر في الأردن حينما كان يحضر أحد المؤتمرات التاريخية. حتى في أثناء استراحته بين جلسات المؤتمر رأيته يسعى الى تصحيح مفاهيم كثيرة كتبها كتاب ومؤرخون كانوا ضمن الجالسين في استراحة المؤتمرين,, فلقد شدهم ما يملكه الجاسر من حضور في كل ما كان في عصور سالفة ومن حقائق دامغة مقنعة يسردها في أحاديثه التاريخية بهرت المستمعين إليه بشغف وكان لها مردودها الإيجابي في ان عاد كثير منهم في تصحيح ما كتبوه من أخطاء صححها رجل درس في مدرسة الحياة وتابع وقرأ وسعى بكل إخلاص الى ما أفرغ نفسه إليه وجند جهده ووقته حتى استحق ثقة واحترام وإجلال الكثير من المؤرخين والعلماء والباحثين في وطننا العربي والإسلامي والعالم. كانت رسائله تصلني بمتابعته لي بما أكتب من بحوث, كان يشجعني ويصحح الكثير بكل صراحة ودون ان يجامل او يتغاضى فالحقائق التاريخية كما تعلمناها من الجاسر يجب ان تكون خارجة عن كل أهواء ورغبات وخيالات فهو يكتب للتاريخ ويراعي بما يكتب الله سبحانه وتعالى حيث ان كتابة التاريخ تبقى من الأعمال التي قد تدوم بعد رحيل الكاتب. وكان حمد الجاسر ذلك الكاتب المؤرخ العفيف الواقعي الذي يسعى بجهد عظيم مهما كلفه الجهد ومهما سيقابل من أخطار البحث في سبيل الوصول الى الحقيقة ولو كانت كلمة او مفردة واحدة,, هكذا علمنا حمد الجاسر. والدي الشيخ حمد الجاسر/ حزننا بفراقك لا يوصف وعزاؤنا ما تركته لنا من علم ومن وصايا نحفظها عنك ندعو الله ان تكون في موازين أعمالك الصالحة بإذن الله رحمك الله رحمة واسعة وألهم ذويك ومحبيك في كل بقاع العالم الصبر والسلوان (وإنا لله وإنا إليه راجعون). سليمان الأفنس الشراري