واجهت معظم دول اوروبا يوما اخر من الفوضى امس الاربعاء بسبب نقص الوقود واغلاق الطرق وبينما بدأت بعض سيارات الصهريج لنقل البنزين العمل ثانية في بريطانيا باتت ايرلندا واسبانيا مهددتين باحتجاجات اخرى. واغلق سائقو الشاحنات والمزارعون الغاضبون في جميع انحاء اوروبا الطرق البرية السريعة ومستودعات النفط مطالبين حكوماتهم بخفض اسعار الوقود. وتعطلت مناحي الحياة في بريطانيا عندما سد سائقون ومزارعون بريطانيون معظم مصافي البترول ومحطاته مما احدث تهافتا مذعورا من سائقي السيارات على شراء البنزين في شتى ارجاء البلاد. كما تضررت ايضا بلجيكا والمانيا بينما يبدو ان ايرلندا واسبانيا ستنضمان الى قائمة المتضررين مع توعد سائقي الشاحنات والمزارعين هناك بالقيام باحتجاجات. وفي بلجيكا توقفت المباحثات بين رؤساء الاتحادات العمالية والحكومة حول اسعار البنزين المرتفعة في وقت متأخر يوم الثلاثاء. وخاطر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير باعلانه مساء الثلاثاء ان اسوأ الازمات في تاريخ بريطانيا ستنتهي في غضون 24 ساعة. وجاء وعده في اعقاب محادثاته مع شركات البترول بهدف دفعهم الى اتخاذ اجراءات اكثر حزما لكسر الحصار. ويبدو ان رهان بلير اتى ثماره فيما بعد عندما غادرت خمس شاحنات صهريج مستودعا للنفط في بورفليت في شمال شرق انجلترا في حماية الشرطة, كما غادرت عشر شاحنات مصفاة جرانجهاوس باسكتلندا وتبعتهم ثلاث شاحنات من وودفورد قرب ما نشستر. لكن المحتجين عند المستودعات اصروا على مواصلة المعركة من اجل خفض اسعار البنزين. وقال اندرو روثويل وهو واحد من خمسين شخصا يستعدون لقضاء الليل خارج موقع وودفورد اننا نقاتل الحكومة منذ ثلاث سنوات وسنستمر (في القتال),, سنكون هنا كلنا غدا . وبينما كانت المظاهرات سلمية في انحاء بريطانيا فان الحزم النادر الذي تحلى به البريطانيون الذين طال عناؤهم كان مفاجأة للحكومة البريطانية, وترى هذه الازمة على انها محك رئيسي لبلير وحزب العمال الحاكم. واسمته صحيفة تايمز في عددها الذي صدر الثلاثاء اسوأ ايام (حزب) العمال منذ الانتخابات , وقالت صحيفة اندبندنت اليومية ان مشهد الطوابير الطويلة من السيارات قد اعاد الى الاذهان شتاء الغضب عامي 1978و 1979 عندما اجتاحت انجلترا القلاقل والاضطرابات. ورفضت الحكومة الاذعان لمطالب المحتجين بخفض الضريبة على الطاقة والتي تشكل ثلاثة ارباع سعر البنزين, وزاد ارتفاع اسعار البترول من الضغوط على البريطانيين الذين يدفعون ضرائب تزيد عن نظرائهم في الدول الاوروبية الاخرى. وقال بلير الذي جاءت تصريحاته الحازمة في اعقاب ايام من تكتيكات عدم التدخل الحكومية الاحتجاج المشروع شيء ومحاولة اصابة البلاد بالشلل شيء اخر مختلف تماما . وفاز بلير بتأييد اتحاد العمال العام والنقل ذي التأثير القوي,, وهو طلب غير عادي لحركة حزب العمال اليسارية, كما ساند اتحاد الصناعة البريطاني موقف رئيس الوزراء لكنه دعا الى خفض مستقبلي للضريبة على الطاقة. وقال بلير ان شركات البترول اتفقت على بدء اختراق امدادات الوقود لحصار المتظاهرين بينما اصرت الشركات المتعددة الجنسيات على احتياجهم الى حماية الشرطة لهم. وقال متحدث باسم بي,بي,اموكو التي تمتلك محطة جرانجماوث لسنا على استعداد لتعريض ارواح سائقينا للخطر . ونفدت يوم الثلاثاء امدادات الوقود من كل محطات شل تقريبا في بريطانيا واعلنت اكبر خمس شركات للبترول في بريطانيا عن نفاد ما يتراوح بين نصف وكل امدادات الوقود لديها. وتضررت خدمات الطوارىء والمدارس وتركت القمامة دون جمع وألغيت مباراة كرة قدم بدوري الدرجة الثانية من جراء نقص الوقود. وعلى الناحية الاخرى من القنال اندلعت الاحتجاجات في مدن مثل امسترداموبروكسل بسب ارتفاع تكلفة اسعار الوقود. وفي بلجيكا استمرت المحادثات حتى وقت متأخر من مساء الثلاثاء بين زعماء الاتحاد الممثل لسائقي الحافلات والاجرة والشاحنات ومسؤولي الحكومة دون احراز اي تقدم ملحوظ. وانسحب زعماء اتحاد العاملين المحترفين الناطقين بالفرنسية في قطاع النقل على الطرق المسؤول عن حصار الطرق في بروكسل من الاجتماع متذمرين من ان الحكومة غير راغبة في التعامل مع مطالبهم الرئيسية بجدية. ويطالب الزعماء بتخفيف فوري لاسعار الوقود المرتفعة بانقاص 1,87فرنك بلجيكي (0,04دولار امريكي) من الضريبة على الوقود. ومن المقرر اجتماع مجلس الوزراء المصغر لاعداد توصيات لتقديمها الى مجلس الوزراء غداً الجمعة,وقد حملت الحكومة البريطانية شركات البترول مسئولية معالجة الازمة البترولية التي تشهدها بريطانيا حاليا,وقال جون بريسكوت نائب رئيس الوزراء ان الحكومة البريطانية تعتبر شركات البترول مسئولة عن توزيع البترول وتوفيره وتتوقع منها القيام بذلك.