ما زالت الشكوك والمخاوف من عجز دبي عن سداد ديونها تلقى ردود أفعال في شتى بلدان العالم، فمع إعلان دبي أنها ستطلب من دائني شركتي دبي العالمية ونخيل العقارية تعليق المطالبة بسداد ديونها كخطوة أولى لإعادة هيكلة الشركتين. حتى عمت الأسواق العالمية موجة هلع أدت لانخفاض الأسهم العالمية والبترول والذهب والسلع الأخرى. ما أعاد للأذهان تداعيات انهيار سوق الرهن العقاري الأمريكي العام الماضي والذي هدد النظام المالي العالمي برمته بالانهيار. وقد أثارت خطوة دبي المفاجئة لإعادة هيكلة ديون بمليارات الدولارات ردود فعل عديدة جاءت على لسان صناع القرار في العالم, ففي الولاياتالمتحدة قال مسئولون بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن وزارة الخزانة الأمريكية ترقب عن كثب الوضع في دبي، وفي كندا قال وزير المالية الكندي جيم فلاهرتي إن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أجرت مباحثات بشأن مشاكل الائتمان التي تواجهها دبي العالمية وترقب تداعياتها. وفي ذات السياق قال ميشيل بارنييه مفوض السوق الداخلية الجديد للاتحاد الأوروبي إن مشاكل الديون في دبي تظهر أن الأزمة المالية لم تنته وهذا ما يقوي عزم أوروبا على تطبيق القرارات التي اتخذتها مجموعة العشرين. أما رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون فقد بدى أكثر تفاؤلا من نظرائه حين قال: انه على ثقة في أن مشكلة ديون دبي محلية وقابلة للاحتواء، وفي الجانب الإماراتي قال مسؤول كبير بحكومة أبوظبي إنها ستحدد وتختار سبل مساعدة دبي المثقلة بالديون ولكن ذلك لا يعني تغطية كل الديون وقال متحدث باسم مصرف الإمارات المركزي إن البنك يراقب تطورات أزمة ديون دبي لمنع أي تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني ويرى آرثر لاو مدير صندوق استثمار في هونج كونج أن القلق الأكبر يتعلق بما إذا كان ذلك سيثير عملية إعادة تسعير الأسواق الناشئة بشكل عام. وإلى ذلك قال محمد العريان الرئيس التنفيذي لشركة بيمكو وهي أكبر مدير لصناديق السندات في العالم إن تزايد المخاوف بشأن عجز محتمل عن سداد الديون من جانب أكبر شركة في دبي سيدفع على تصحيح متأخر في الأسهم والأصول المحفوفة بالمخاطر وأضاف في تصريحات لرويترز رغم معرفة الكثيرين في الأسابيع الماضية أن هناك فرقا متناميا بين القيم السوقية للأسهم وواقع الاقتصاد والشركات إلا أن قلة منهم كانوا مستعدين لبيع هذه الأسهم. وأعتقد أن إعلان دبي سيدفعهم للبيع. وأوضح العريان أن السمات الأساسية لإعلان دبي تماثل تلك التي تواجه العقارات التجارية في بلدان أخرى من بينها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفي ذات السياق قال مديرو الصناديق العالمية إنهم يدرسون تحويل استثماراتهم من دبي إلى أبوظبي وقطر ومصر بحثاً عن ملاذ آمن للاستثمارات وذلك كرد فعل على إعلان دبي. وتوقع مديرو صناديق مقيمون في دبي أن يعيد مستثمرون دوليون تخصيص محافظهم عندما تعاود الأسواق المحلية نشاطها بعد عطلة عيد الأضحى وقال ستيوارت كالفرهاوس كبير الخبراء الاقتصاديين لدى اكزوتكس في لندن (سنشهد فراراً إقليمياً إلى المناطق الجيدة لذلك ستكون أبوظبي وقطر المستفيدين الرئيسيين على الأرجح وتساءل مدير مبيعات الأسهم بالأسواق الناشئة لدى ميريل لينش إن كانت دبي وحدها أم أن الإمارات بأكملها تواجه مشكلة، وهل مازال لدى أبوظبي السيولة الكافية لمساعدة دبي). وأضاف سيبدأ الناس تقليص مراكزهم في دبي وسيتجهون للاستثمار في السعودية وقطر ومصر. وتوقع أن تكون ردود فعل المستثمرين يوم الاثنين مبالغا فيها وسيقبلون على بيع الأسهم بكثافة في سوق دبي المالي. وبحسب تقديرات ميريل لينش التابعة لبنك أوف أمريكا فإن مديونية دولة الإمارات ستبلغ 184 مليار دولار بنهاية 2009 مضيفا أن المنطقة تواجه جدولا ضيقا للسداد حتى عام 2013م. وأفادت بيانات قروض أن البنوك البريطانية لديها تعرضت لمشاكل ديون محتملة في الإمارات أكبر بكثير من أي منافسين آخرين لها في العالم وقال محللون إن تعرض البنوك البريطانية أكبر من تعرض أي منافس لها بسبب العلاقات البريطانية التقليدية بالشرق الأوسط وبسبب تركيزها على الأسواق الناشئة إلى جانب القروض التي قدمتها خلال الطفرة العقارية في دبي.