كارل ماركس (Karl H. Marx (1818- 1883: ألماني من أصل يهودي، لكنه في ظاهره نشأ نصرانياً بروتستانتياً.. درس الفلسفة والتاريخ، وتأثر بآراء هيجل، وامتهن الصحافة الفكرية، وعاش فقيراً. ظهرت آراؤه في التفسير المادي للتاريخ في رسالته التي نشرها في بروكسل سنة 1848م بعنوان: (بؤس الفلسفة). وقد شدد ماركس في أفكاره على أهمية العامل الاقتصادي والاجتماعي في تحريك التاريخ. وفي سنة 1848م، نشر ماركس مع صاحبه إنجلز بيان الحزب الشيوعي، وهو دعوة صريحة لعمال العالم كله إلى الثورة وانتزاع السلطة، وإنشاء الدولة الاشتراكية الشيوعية. وفي سنة 1868م أنشأ الجمعية الدولية للعمال في لندن. ومن أهم مؤلفاته: صراعات الطبقات في فرنسا من 1848 إلى 1850م، نُشر ما بين 1850 و1859م. وكتابه: في نقد الاقتصاد السياسي، عام 1859م. وكتابه: رأس المال، الذي ظهر الجزء الأول منه 1867م. وهذا الكتاب يقدم نظرية كاملة عن طبيعة رأس المال، ويشخص النظام الرأسمالي وينقده. ويرى ماركس أن الإنتاج المادي لمجتمع معين هو الذي يحدد صورة نظامه الاجتماعي والسياسي والفكري. ولا شك أن تطور الإنتاج عامل مهم في تطوير الجماعات وتوجيه تاريخها، وأن تقدم العلوم والتكنولوجيا يجعل الإنتاج المادي قوة لا تقهر، والمراد: أن الأمم التي تتميز بإنتاجها الصناعي والزراعي هي التي تكون لها اليد الطولى في الاقتصاد ومن ثم في السياسة. وما ينبغي ملاحظته أن هذا التفسير الماركسي يتناسب مع عصرنا الحالي الذي أصبح الاقتصاد هو المحرك الرئيس فيه، لكنه قد لا يتناسب مع تاريخ العصور الوسطى التي كان فيها الملوك ورجال الدين والمفكرون هم المحركون لحوادث التاريخ. ومن أجل إثبات صحة نظرياتهم يتمسك الماركسيون بما يسمى: الجدل المادي Material Dialectic، ومفاد هذا الجدل الماركسي: أن التطور التدريجي لا يؤدي إلى نتيجة حاسمة، ولذلك فهم يرون أن الثورة العارمة هي التي تؤدي إلى التغيير الشامل. ويعود الفضل في نجاح الماركسية وظهورها إلى لينين (فلاديمير أوليانوفيش 1870-1924م)، الذي حول آراء ماركس إلى ثورة دموية قلبت روسيا القيصرية إلى دولة شيوعية. وبمعنى آخر فإنه لولا لينين وثورته الدامية لما برز ماركس كمؤسس للمدرسة المادية. ومن آراء الماركسيين أن العمل سلعة يعرضها العامل، ولذا فإنه عندما يعرضها منفرداً يكون ضعيفاً، ولا يكون له تأثير إلاَّ عندما يتحد العاملون أمام صاحب رأس المال. وقد أدخل لينين عنصر العنف إلى النظرية الماركسية من أجل تحقيق النظرية الماركسية التي تدعو إلى إزالة أصحاب النظام المراد تغييره، فلم يكتف بهزيمة خصومه بل لجأ إلى الإبادة، وأغرق البلاد الروسية ببحرٍ من الدماء، وبعد موته واصل خليفته ستالين سياسته، ولهذا سميت النظرية في مجموعها: اللينينية الماركسية Leninist Marxism. وقد لاقت الماركسية انتقاداً شديداً من خصومها، وكان من أهم الانتقادات المضادة للنظرية الماركسية تجاهلها للجوانب الاجتماعية والإنسانية، وإنكارها لوجود مصالح مشتركة بين طبقات المجتمع (الملوك والأشراف/ المقاولين والتجار/ العمال)، وإنكار إمكانية التعايش فيما بينها. وعلى هذا الأساس فإنها تعني أنه لابد من موت الطبقات المسيطرة واستيلاء طبقة العمال من أجل إحداث التغيير الكامل، وبمعنى آخر فإنه لا مجال للتعايش ولا للديمقراطية التي تحترم آراء الخصوم وتعترف بوجودهم. وهكذا يظهر تناقض منطق الماركسية التي تقوم على القضاء على الخصوم مع أنها تنادي بعدالة الحقوق. لكن أهم المآخذ على الماركسية هو تبنيها الإلحاد وعدم احترامها للأديان السماوية!!..