منطقة الشرق الأوسط ظلت تعيش حالات صراع وحروب ومصادمات منها مفتعل، وأكثرها بفعل حسابات خاطئة لقادة عرب انقلبوا باسم الثورة أو الوحدة على شعوبهم، قبل أن يحولوا دولهم إلى دول بوليسية محكومة بالجلاد، وإهانة الإنسان وتغيبه. فيما الحالات الأفضل تتمثل في أنظمة تحكم على اعتبار انها (الكفيل) الوحيد للامن والاستقرار وما بعدها تهديد العنف والفوضى. ولنوسع الدائرة إلى العالم العربي، لم يكن المحيط مستقرا وينعم بتنمية وارتقاء اقتصادي، دول الخليج وحدها عكفت على التطوير الاقتصادي والتنمية مستفيدة من عائدات النفط، لم تكن ابدا بعيدة عن الأخطار ودفع ثمن باهظ للمغامرات، وان أحببت قل استغلال البلادة السياسية من حرب الخليج الأولى والثانية وما بينهما. إلا ان الصورة الان خطيرة، وتنذر بتحديات جمة، وعلى أطراف حدود الخليج إجمالا، وبلادنا تحديدا تجثم أخطار عدة، لا يمكن توقع نهايات قريبة لأوضاعها، العراق الفاقد للأمن وتخصيصا جنوبه القابل للانفجار والأقل حظا في استقرار امني متوقع، مقارنة بشماله ووسطه، ومن هناك إلى جنوب الجزيرة العربية حيث يتمدد اليمن على بحر العرب ويلامس الخليج العربي والبحر الاحمر، وهو يعيش اليوم حالة فوضى، ومطالب انفصال، وأعمال عنف لا سابق لها، وصلت في انفلاتها الأخير إلى الحدود السعودية، حيث دفعت المملكة بحرس حدودها مدعوما بالجيش لمنع نفاذ المسلحين إلى الأراضي السعودية، ومستخدمة اقوى عدتها العسكرية والمتمثلة اسطول مقاتلاتها الجوية لضرب المتسللين. هناك على الطرف الاخر، وعلى طول الخليج تتربص إيران، وإضافة إلى احتلالها جزر خليجية، فهي متورطة في تنشيط وتمويل الصراعات بالمنطقة، فيما تواصل بعناد السير في برنامجها النووي الخطر على المنطقة، خطرا في حالة استخدامه، أو سوء إدارة فنية قد تؤدي إلى تسرب أشعته، أو كارثة تنشر (الغبار النووي) في المنطقة. وعلى البحر الأحمر حيث السودان الغائم، وغير المستقر في أجزاء منه، فيما جنوبه يهدد بالانفصال، ثم إلى القرن الإفريقي حيث الصومال الأكثر عنفا وتسليحا. الصورة جدية، والحدث الأخير على الحدود السعودية اليمنية، والذي تواجهه القوات السعودية بحزم لا تردد فيه، شكل أعلى صافرة للإنذار، على الأقل حتى الان. هذه صورة مزعجة ومربكة بالتأكيد، لكن من المهم ان نراها كاملة الان، وندرك ان لا احد يمكنه توقع مدى المخاطر المحيطة، وان لا حل قريب المنال لتغير سيرة المنطقة، إلا بتنمية الإنسان، فالملاحظة الجديرة بالتتبع ان مناطق الخطر في أطراف جغرافيتنا الوطنية تجمعها صفات مشتركة، الجهل وضعف التعليم وتغيب كامل للوعي وقيمة الإنسان، حيث الأنظمة الثورية وبقاياها. إلى لقاء