فوز باراك أوباما بجائزة السلام العالمية المرموقة (نوبل)، أحدث ضجة غير مسبوقة عالمياً تتماشى مع شخصية الفائز ولمكانة الجائزة وقيمتها، تابعت الإعلام الأمريكي بشكل مكثف، وفي كل القنوات التلفزيونية المعروفة من السي ان ان، ان بي سي، وفوكس، سي بي اس وغيرها، لم يكن الإعلان احتفالياً على الطريقة التقاليد الشرقية، بل كان نقداً وتشكيكاً وتساؤلات لا تنتهي عن أحقية الرئيس أوباما بالجائزة، وهل يستحقها فعلاً؟.. وتشكيكاً بجدية الاختيار ومفاجأته وسرعته، وفي اليوم التالي حملت الصحف المرموقة على مواقعها الإلكترونية والمدونات سيلاً من المقالات والتعليقات التي تنتقد الاختيار في الغالب، أو تبرر له في مساحات أقل. وصلت إلى نقد لجنة الاختيار وتبريراتها، أوباما نفسه الذي تابع ردود الأفعال من الإعلان إلى خروجه الرسمي للتعليق، قال إنه يعتبرها نداء للعمل، ويقبلها بتواضع وفخر. وإن كان للجنة الجائزة حيثيتها وتبريراتها، كون أوباما يمثل إلهاماً جديداً للسلام والحرية والعدل في العالم، وأعاد الدبلوماسية إلى نشاطها ودورها الطبيعي بين الأمم، إضافة إلى أن من فازوا بها مثل ياسر عرفات وإسحاق رابين لم ينجزوا سلاماً حقيقياً، لكن الجائزة منحت لدعم توجهاتهما وتحفيز طاقات السلام ودعمه، وهذا موضوع آخر. ثم تابعت الإعلام العربي إجمالاً وتعليقاتها وتعليقات كتاب حول هذا الموضوع تحديداً لأيام، والملفت أنني وجدت نفس النقد الأمريكي مكرراً أو شبه مكرر في الصحافة العربية، أو ما يشبهه حول جدية الجائزة وجدية فوز رئيس لم يمض عليه في البيت الأبيض إلا تسعة أشهر. الحقيقة أنني كنت فكر، وأنا أقرأ بعض مقالات النقد والسخرية والتفكير العربي، إذا كان الإعلام الأمريكي هو الذي فتح باب تمحيص الجائزة واختيارها لرئيس بلاده منذ لحظة الإعلان الأولى، فلماذا لم ينظر الإعلام العربي للجائزة كرسالة تحفيز لتوجهات أوباما السلمية خصوصاً في منطقتنا التي تتجاذبها صراعات داخلية وإقليمة، وسباق تسلح وترسانة نووية قائمة وأخرى تحت الإنشاء، وفي شرقنا الأوسط أقدم صراع تاريخي يقود إلى حرب بين فترة وأخرى. ثم لنفترض أن ابن عم خالة أو خال ابن عم قريب أو بعيد لأحد الزعماء العرب فاز بجائزة مماثلة، هل سيتحدث الإعلام العربي بذات الطريقة، وينسى دق طبول الاحتفال الواجب والمفروض، عكس فعل الإعلام الأمريكي مع رئيس بلاده. إلا أن منطق الأشياء عربياً يقول إن نقد الرئيس الأمريكي، وسياسات الغرب متاح ويجعل الإعلام العربي ينام مطمئناً، بينما نقد رئيس بلدي أو مدير محافظة أو نائب معيّن يخطف النوم من العيون، أوقد يؤدي إلى نوم أبدي. إلى لقاء،،، * * *