كعادته في حرق المراحل وتحطيم الأرقام القياسية، فاز الرئيس الأمريكي باراك اوباما بجائزة نوبل للسلام بعد تسعة أشهر فقط من شغله لموقع الرئاسة. الأغلبية الساحقة من بني البشر تفاجأت من فوزه، لا لموقف شخصي منه بل لأنه لم ينجز شيئا بعدُ على ارض الواقع. أول المتفاجئين كان اوباما نفسه حسبما أكد المتحدث باسم البيت الأبيض. اوباما كان محقا عندما قال بأنه" لا يرى الجائزة بمثابة اعتراف بانجازاته الشخصية" بل يراها تعبيرا عن"سعي المجتمع الدولي نحو السلام". ما قصده أوباما هو أن بني البشر يتوقون للسلام وان فوزه بالجائزة جاء نظير خطابه التصالحي ومده ليد التعاون والحوار وتفضيله للدبلوماسية بدلا من سياسة العصا الغليظة التي طبعت سلوك الإدارة الأمريكية السابقة تجاه العالم. ما ذهب إليه اوباما يتفق مع ما ذكرته لجنة اختيار الفائزين عند تبريرها لفوزه. إذ عزت اختيارها لاوباما بأنه" اوجد مناخا جديدا في السياسة الدولية" وأيضا"لجهوده الاستثنائية لتعزيز الدبلوماسية والتعاون بين الشعوب" و"دعوته إلى عالم خال من الأسلحة النووية". إسرائيل كانت الاستثناء الوحيد بين الدول التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بردة فعلها تجاه الفوز. ففي حين أن من المفهوم أنْ تنتقد حركة حماس ومثلها طالبان اختيار اوباما للفوز بأرفع جائزة في مجال خدمة السلام، إلا انه بدا غريبا للكثيرين ان تشعر إسرائيل بالتوجس والقلق من فوز الرجل. الصحف الإسرائيلية حفلت بافتتاحيات ومقالات رأي تدور حول عدم توافق فوز اوباما مع المصلحة العليا لإسرائيل. إسرائيل التي قامت، تاريخيا، على استخدام الحديد والنار كوسيلة لحل مشاكلها لن تعرف كيف تتعامل مع رئيس يدعو لاستخدام الدبلوماسية كوسيلة لحل الصراعات. اوباما، المتوج بإكليل السلام، لن يكون موافقا ومتفهما فيما يتعلق بضربة إسرائيلية متوقعة ضد المنشآت النووية الإيرانية، ناهيك عن المشاركة فيها. واوباما، رجل السلام، لن ييأس وسيواصل مسعاه بالضغط على جميع الأطراف للوصول إلى تسوية سلمية في الصراع العربي - الإسرائيلي. واوباما، الذي دعا قبل أسابيع إلى عالم خال من الأسلحة النووية، لن يستطيع، أخلاقيا، غض بصره عن إسرائيل المدججة نوويا. فوز اوباما، إذن، ليس خبرا طيبا بالنسبة لإسرائيل بخلاف حالنا كعرب ومسلمين. هذا وحده خبر طيب بالنسبة لنا. فضلا عن ذلك فقضايانا عادلة وتوجهاتنا سلمية ومن مصلحتنا وجود زعامة عالمية تشاركنا كراهية الحروب والرغبة في السلام.