الخلاوي شاعر مجهول الاسم، لكنه عرف بالخلاوي. والخلاوي تعني الرجل الذي يحب الاختلاء بنفسه بمعزل عن الناس. وقد عرف عن الخلاوي اهتمامه بالحكمة ومعرفة النجوم، حتى أنه كان يحسب للمزارعين متى يزرعون وكيف يحصدون شعراً. والحصاة تقع في واد شمال شرق الداهنة يسمى النظيم، وكان اسمه في الجاهلية (ثرم)؛ لأن مخرج الوادي من الجبل يشبه ثرم الأسنان. والوشم قد خرجت منه وقابلها من الثنايا التي لم أقلها (ثرم) وكثيرون جاءوا إلى الداهنة، وبحثوا عن حصاة الخلاوي، وهي حجر كبير يتجاوز المترين طولا والثلاثة عرضا، وعليها رسوم وكتابات غير مقروءة بوضوح، وقد عبث الناس بالصور الجميلة على الحصاة، وكذا عبثوا بالكتابة. سألت الآثاري الدكتور عبدالعزيز الغزي عنها فلم يجزم بمعلومات في أي عصر؛ لأن الكتابة شوهت كثيراً بالرغم من وجود بعض كلماتها، وكذلك سألت الأستاذ عجب بن محمد الثبيتي (آثاري من الداهنة يعمل بهيئة السياحة والآثار - مدير مكتب شقراء) عن الحصاة وهل وجدها فقال: تعبت أبحث عنها ولم أجدها، ووقتي بعملي مزدحم، وليس لدي وقت للبحث عنها؛ لأنها تحتاج وقتاً أطول. وقبل أكثر من أسبوعين اتصل بي الأستاذ والشاعر راشد بن جعيثن يسأل عن كيفية الوصول للحصاة في واد يتخلل جبالا وعرة، حيث إن من لا يعرفها لا يستطيع الوصول إليها، فقلت له: قد نسيت والله كيف أصل إليها، لأني غادرت الداهنة قبل أربعين عاما. ومن غرائب وادي النظيم (ثرم) أن به حجارة واقفة تشبه الأرجل، وهي تقع في تفرع منه يسمى (أبو رجلين) أي أبو أرجل، وهناك حجارة تسمى السواري (جمع سارية؛ لأنها تشبه السواري، وهي تقع في واد يسمى أبو سواري)، أما القدر الكبير الحجم الذي يشبه وعاء يسمى عند النجديين (مربوبه) فهو أسهلها وصولا؛ لأن طريق الداهنة - جلاجل يمر به، وكثيراً ما يقف العابرون ليروا المربوبة وقت الأمطار، حيث يصب بها شلال وتمتلئ فتشبه قدراً للري كان النساء قبل شبكات المياه يملأنه من الآبار يسمى (مربوبه). والحصاة المذكورة يجيء للبحث عنها كثيرون، لكن لا يوفقون إلى معرفتها؛ لأن مكانها غير بارز وفي منعطف في الوادي لا يعرفه إلا خبير بالداهنة وعاش فيها، ولن تصدقوا لو قلت إنني أبحث عنها منذ أكثر من سنتين، بالرغم من أنني كنت أعرفها جيداً، وأرغب في أن أضعها وشرحا لها في كتاب لي عن الداهنة وتاريخها، ولكن لوجودي بمدينة الرياض - عمرها الله بالخير - ولكثرة مشاغلي فلا وقت لدي؛ لأن طريقها صعب ومعقد في تلافيف الوادي وتحتاج إلى عارف بها تماماً، وتحتاج وقتاً وصبراً. مثل هذه الآثار، سواء هذه الحصاة أو تلك السواري أو غيرها، التي افتتن بها العامة لجمال شكلها أو لتاريخها، كان من الأجمل أن تقوم هيئة السياحة بالتحقيق والتدقيق في تاريخها، وتدوين ذلك وتوثيقه بشكل علمي، حيث يجد الباحث صورة وشرحاً وافياً دون أن يتحمل عناء البحث، ودون تضييع وقته في عمل لا يتقنه وله متخصصون فيه.