فيما يتعلق بأثر التعليم في تحقيق التنمية البشرية والوطنية تبدو هناك رؤيتان مختلفتان، الأولى ترى التعليم مفعولا به والثانية تراه فاعلا، أي أن الرؤية الأولى تعتبر التعليم مجرد خادم لقوى متنفذة في المجتمع، والثانية تراه رائدا مستقلا يشق الطريق الصحيح لأهله نحو المستقبل الواعد. في المجتمعات المتخلفة يتم توظيف وتسييس التعليم ليكرس الوضع البائس القائم وليخدم أجندات وأيدولوجيات يقررها فقط المستفيدون من تلك الأجندات، هنا يقتصر دور التعليم على الاحتفاظ بالوضع القائم وإعادة إنتاجه لتتوارثه الأجيال دون تغيير أو تطوير. وعلى الضفة الأخرى تجد أن للتعليم في المجتمعات المتقدمة صفة الريادة والاستقلالية، أي أن التعليم هو الذي يقود عملية تجديد وتحديث المجتمع دون وصاية من أحد. وتجرى عملية التغيير والتجديد تلك وفق رؤية وطنية ضابطها جعل الوطن مشاركا فاعلا في صناعة التقدم والرفاه والنمو المحلي والإنساني وفي نشر قيم السلام والتسامح، ويشارك في تشكيل هذه الرؤية الوطنية خبراء تربويون محترفون يحظون بدعم سياسي يبدد أي مقاومة لتجديد التعليم. يجب أن نعترف بأن التعليم في حالات معينة يجب أن يكون خادما لتوجهات سياسية عامة تحفظ للبلاد استقرارها وتماسكها، وهذا لا يلغي بالطبع قيادته لعملية التطوير المجتمعي.