حملة انتخابية أخرى في سريلانكا وهجوم آخر في شمال البلاد حيث تقاتل القوات الحكومية جبهة نمور تحرير تاميل ايلام, وكانت الجبهة، وهي منظمة متمردة تسعى لاقامة دولة مستقلة للاقلية التاميلية في الاقاليم الشمالية والشرقية، قد شرعت أواخر العام الماضي في شن هجوم في محاولة باءت بالفشل لمنع الرئيسة شاندريكا كوماراتونجا من الفوز في حملتها لاعادة انتخابها. والآن فان القوات الحكومية هي التي بدأت الهجوم في شبه جزيرة جافنا, وتحقيق نصر هناك سيساعد تحالف الشعب الذي ترأسه كوماراتونجا في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في العاشر من أكتوبر, ومرة أخرى يطالب من مئات من الجنود الشبان ومقاتلي جبهة نمور تحرير ايلام مواجهة الموت في صراع حصد أرواح ستين ألف شخص على مدى 17 عاما, وما تزال الجروح التي خلفتها المعارك التي درات رحاها عام 1996م عندما طرد الجيش مقاتلي الجبهة من المنطقة، لم تندمل في شبه جزيرة جافنا ومدينة جافنا. وتهدد المعارك التي تدور بين الجانبين منذ أبريل الماضي بتدمير النجاح المحدود الذي تحقق في مجال الأعمار الذي بدأ عقب هجمات وهجمات مضادة سابقة وتم بمساعدات ساهمت فيها ألمانيا. يقول ابراهارد هالباخ من منظمة التعاون التقني الألماني في كولومبو وهي منظمة اغاثة ألمانية أعادت بناء عشر مدارس وتقوم باعادة بناء 14 مدرسة أخرى حاليا: لقد دمرت مدرسة كنا قد أعدنا بناءها, كما كانت المنظمة الألمانية قد أعادت شبكات الامداد بالمياه بالمنطقة, ويأمل مهندسو وعمال الاغاثة الآن ألا تذهب جهودهم سدى وتتعرض للدمار بتجدد القتال في الشمال. ويقول هالباخ لقد أبلغنا الجيش وجبهة نمور تحرير ايلام بأماكن المدارس, ونأمل أن تكون تلك المدارس آخر هدف يمكن ان يتعرض للهجوم, وتستعد المنظمة الألمانية فضلا عن منظمات اغاثة في بلدان أخرى لمواجهة تدفق موجة أخرى من اللاجئين حيث تخطط لتزويدهم بالامدادات من مياه الشرب وأماكن الايواء العاجل. ومنذ أبريل فر نحو 160 ألف شخص من جافنا وقد جاء كثير من هؤلاء من أطراف المناطق الأشد اكتظاظا بالسكان. ويعتقد المراقبون ان فرص وضع نهاية سريعة للصراع ضعيفة, ففي عام 1994م حاولت كوماراتونجا التفاوض مع فيلوبيلاي برابها كاران زعيم جبهة نمور تحرير تاميل ايلام الذي يصفه كثيرون بالتعصب, وقامت الجبهة بخرق اتفاق لوقف اطلاق النار كان الجانبان قد توصلا اليه مطلع عام 1995م وذلك بعد مائة يوم فقط من توقيعه، وردت كوماراتونجا بارسال الجيش. وقد حقق الهجوم نجاحا في البداية بالاستيلاء على جافنا من المتمردين، لكن ومنذ العام الماضي استطاع المتمردون مرة أخرى أخذ زمام المبادرة في أيديهم, لكن نجاحهم في أرض المعارك شمال مدينة فافونيا لم يقض على محاولة الرئيسة 55 عاما لاعادة انتخابها، غير ان اعادة انتخابها ربما جاء نتيجة تعاطف الناخبين معها عقب المحاولة الفاشلة لاغتيالها في هجوم انتحاري بقنبلة دبرته الجبهة. لقد نجت كوماراتونجا من الهجوم لكنها فقدت احدى عينيها, وقد تمكنت جبهة نمور تحرير ايلام منذ أبريل الماضي من استعادة أجزاء من شبهة جزيرة جافنا عبر معارك أحبطت معنويات الجيش, وقد قتل ما يقدر بألفي شخص منذ بدء معارك الربيع, لكن الرقم الحقيقي غير معروف لأن الحكومة تفرض رقابة على وسائل الاعلام بشأن القتال كما ان الجبهة تبالغ في حملاتها الدعائية أكثر من الاهتمام بتوفر معلومات دقيقة. لقد سقطت الآمال الواهية في السلام التي واكبت مطلع العام الجديد، كما توارت محاولة للوساطة قامت بها النرويج ولم تكلل بالنجاح، كذلك فشلت جهود استهدفت ادخال اصلاحات دستورية، في الوقت الذي ترغب فيه كوماراتونجا منح التاميل قدرا أكبر من الحكم الذاتي لا الاستقلال. يشكل التاميل الذين يمثل الهندوس غالبيتهم 18 في المائة من مجموع سكان سريلانكا، بينما تدين الأغلبية السنهالية في البلاد بالبوذية, لقد أخفقت كوماراتونجا في حشد دعم الأغلبية وراء اصلاحاتها حيث واجهت عقبات كثيرة منها مقاومة رجال الدين البوذيين لتلك الاصلاحات خوفا من تأثيرها على ما يتولونه من دور قيادي.