في البداية أحب أن أهنئ القيادة الرياضية في المملكة بمناسبة حصول الدوري السعودي على الترتيب السادس عشر عالمياً والأول على مستوى الوطن العربي، وهذا الإنجاز العالمي لم يأت بمحض الصدفة أو مجاملة أو عشوائياً، بل جاء من خلال منهج علمي وتخطيط سليم من القائمين على الرياضة في الاتحاد السعودي لكرة القدم، وما قاموا به من عمل كبير وجهد في السنوات الماضية. ولا ننسى دور الأندية في احتلال هذا المركز المتقدم للدوري السعودي والميزانيات الكبيرة التي رصدت والمبالغ التي تصرف حالياً والتي تواكب الكرة العالمية والتي تغيّرت كثيراً عن السابق وكذلك إحضار لاعبين أجانب على مستوى عال والدور الكبير الذي يقوم به اللاعب الأجنبي، مع وجود مدربين عالميين في الأندية والحضور الجماهيري الكبير كل هذا ساهم في حصول الدوري السعودي على هذا الترتيب العالمي المميز، والذي تفوقنا به على بلدان كثيرة سبقتنا مثل هولندا والبرتغال والمكسيك وغيرها. أما بالنسبة للاعب السعودي، فمن المعروف أن اللاعب السعودي يتميّز عن غيره من اللاعبين بالموهبة والفنيات العالية التي يملكها وهي قريبة جداً من اللاعبين البرازيليين، ولكن هذه الموهبة وللأسف الشديد لا تكتشف أو لا تظهر إلا متأخرة جداً ويكون اللاعب قد تعدى العشرين من العمر ويكون قد فاتته عدة سنوات يمكن أن يبدع فيها. إذاً هناك خلل ما؟ وتهاون وتقصير في الأندية في اكتشاف هذه المواهب والموجودة عندنا وبكثرة فأين الكشّافون في الأندية حالياً؟! أعتقد بأن الأندية غافلة تماماً عن البحث عن اللاعبين الموهوبين من صغار السن ومهملة ومقصِّرة في عملية تعيين أو إرسال كشّافيين عن المواهب في المملكة. ولكن السؤال المحير هو كيف يتم اكتشاف هذه المواهب الآن؟! فلم نشاهد دورياً للحواري كما هو بالسابق، ولم نعد نشاهد دورياً للمدارس على مستوى عال ولا حتى دوري بالجامعات، في الماضي كان لدوري المدارس أهمية كبيرة واستعدادات كثيرة وكان هناك تنافس بين المدارس وبين الأندية لخطف اللاعبين الموهوبين من دوري المدارس لتسجيلهم في أنديتها وهم في عمر مبكر (إن ما شاهدناه في دورة بكين الأولمبية وكيف حصل شباب وشابات الصين على الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية وأعمارهم لا تتجاوز ال13 - 14 سنة أكبر دليل على ذلك وشاهدنا كيف أخفقت ألعابنا الأولمبية في الصين ليس لأنهم لم يستعدوا لهذه الدورة أو لقلة الإمكانيات، بل أعتقد لأن مواهبهم لم تكتشف مبكراً. أعود إلى دوري المدارس والجامعات وأذكر قبل ثلاثين سنة تقريباً وبمناسبة احتفالات جامعة الملك سعود بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيسها لعب منتخب الجامعة مباراة لكرة القدم مع نادي النصر وانتهت بالتعادل 2-2، وكانت مباراة جميلة وقوية جداً وكان لي شرف اللعب في هذه المباراة طبعاً حضرها رئيس نادي النصر سمو الأمير عبد الرحمن بن سعود (رحمه الله) ومعالي مدير جامعة الملك سعود وعدد من كبار مسؤولي الدولة، وهنا نلاحظ أن منتخب الجامعة يتعادل مع نادي النصر المليء والمرصّع بالنجوم والذي كان في قمة مستواه وكان بطلاً للدوري العام 1400 - 1401ه، هذا مثال بسيط ودلالة واضحة على أن منتخب الجامعة كان قوياً جداً جداً ومستواه يضاهي مستوى الأندية.. لما كان يضم من مواهب فطرية.. أعود إلى حديثي السابق وأدعو إلى ضرورة تفعيل وتنشيط دوري المدارس والجامعات والاهتمام به لكي لا نخسر المواهب الموجودة، ومن وجهة نظري هناك بعض الاقتراحات أتمنى دراستها والأخذ بها لنظفر بلاعبين موهوبين صغار يفيدون الأندية والمنتخبات الوطنية وهم في عمر الزهور قبل أن يتعدوا العشرين من العمر وهي كما يلي: * إنشاء اتحاد للرياضة المدرسية يهتم بجميع الألعاب الرياضية. * تفعيل دوري المدارس والجامعات والاهتمام به. * إيجاد كشّافيين للبحث عن اللاعبين الموهوبين وتسجيلهم بالأندية. * وجود مدارس كروية بالأندية للبراعم الصغار والاهتمام بهم من كافة النواحي، الصحية، والغذائية، والسلوكية والدراسية والاستفادة من اللاعبين القدامى للعمل في المدارس لخبرتهم ولشهرتهم. * على الأندية الاستفادة من العطلات الصيفية وتوقف الدوري بعمل دوري بالنادي (سداسيات كرة قدم) تحت سن 16 سنة، تتبناه الأندية وتشرف عليه وترصد له ميزانية وتقدم مكافآت وبحضور نجوم النادي القدامى لتشجيع اللاعبين الصغار وتوجيههم وأيضاً لمشاركة النادي باختيار اللاعبين الموهوبين وتسجيلهم. * الاهتمام بدوري الناشئين وعدم حصره على مباريات قليلة والتركيز عليه إعلامياً.