ليس ثمة أمامنا إن رمنا التحررمن ربقة الشعور بالاغتراب عن العصر والعيش على هامش الأمم إلاإنفاق الجهود في الارتقاء بالتعليم وتحديث آلياته وترسيخ محورية ذلك الاشتغال فى بؤرة الوعي العام.. ..لانهضة للأمة من غيرالتمحورحول القيم المعرفية وتشريبها للناشئة التي يفترض أن تُربط دوما بالأوعية المعرفية التى تضاعف مستوى التوتر الديناميكي الى أقصى حد متاح .عند أي نجاح يحرزه مجتمع مّا, أوأي إخفاق يبوء به, فتش عن التعليم وستجد ثمة الإجابات الحقيقية. وفي هذا المقال سأشير إلى عاملين لهما دوربالغ في إعادة الفعالية للتعليم وتطويرحراكه العام: أولا: ضرورة الاعتماد على تنمية ملكة الخيال والاستكناه التمعني والاستقراء وعدم المبالغة فى الاعتماد على الحفظ؛ مشكلتنا أننا نتعامل مع طلابنا من خلال الذاكرة فقط فنحفظ طلابنا أرتالامن المعلومات ونحشو هاماتهم بماتنوء بحملها ويسود لدينا اعتقاد وهمي بأنه كلماكان الطالب أكثرقدرة على الحفظ كان أكثرذكاء!,ولانعي أن ذكاء الطفل وحتى سن الثامنة هوذكاء حركي لاتجريدي فهويدرك الاشياء من خلال احتكاكه المباشر بها ومن هنا يفترض أن يكون اللعب هوالمدخل التعليمي له,فاللعب ليس مجرد إنفاق للطاقة الفائضة فحسب بل هوفرصة للتدريب وتنمية الخبرة وصقل المهارة وبناء الموهبة.نظامنا التعليمي لم ينجح في تشكيل مخرجات نوعية وعقول ذات قدرة سامقة على الإبداع وابتكارالآفاق الحادية نحوالحضورالحضاري الفاعل لماذا؟! لأنه يرتكزعلى الحفظ والتلقين والاجترارالحرفي وواقع هذا شأنه ليس مؤهلا للتحوير في الوضعية العامة أوإيجاد الواقع المرشح للتقدم.إنه ليس بوسع أحد أن يهون من قيمة الحفظ وأهميته لكن الذي هوموضع الاستنكار هنا هوالإفراط فى ذلك والاكتفاء به على نحو يصادرعنصرالخيال ويهمش جوانب الاستنتاج والتفلسف والعمق التحليلي فهذا لايفرز إلاضربا من الوعي المرتبك الذي لايعي المعطيات المتموقعة على حقيقتها ولايحتوي فى إطاره الذهني على أي مشروع تغييري. هناك كثيرمن الافراد يعتمدون على الحفظ فتتكدس في رؤوسهم المعلومات وتكتظ صدورهم بالكثيرمن المجلدات ويملكون ذاكرة تتراكم فيها المتون والمنظومات ولكنهم بفعل اعتمادهم على الحفظ المجرد يعانون نوعا من البلادة الذهنية فتجد أحدهم لايمتلك رؤية منهجية للحياة والأحداث والتحولات والزمن بأبعاده الثلاثية. إن هناك علماء بعقول الجهال وهناك جهال بعقول العلماء, والباعث على ذلك هوالتوافرعلى وفرة عميقة من الخيال الحيوي الخصب المحفزنحو القفزخارج أسوارالمعرفة المتاحة.العقلية الفقيرة في خيالها تعجزعن توليد تعدد تأويلي للظاهرة الواحدة, وتعجزعن التعاطي بكفاءة مع شبكة عِلية ذات تعقيد متناه، وتعجزعن معاينة العنصرالتفاعلي بين الاشياء, والرابط الجدلي الذي يتعذر اختزاله إلى أحد عنصريه.إن الحفظ المجرد لايمنحك قدرة كافية على الكشف عن مواطن الصواب ومواضع الجمال ومكامن الخيرفي الاشياء ومساحات الشرفي تفاصيل الحياة المتبانية. الولع الشديد في الحفظ شأن لايحرك العقل ولايطور في الرؤية ولايحسن فى الإدراك المنطقي للأشياء بقدرمايورث عقلية ذات ملمح ببغائي!وأكرر مرة أخرى:الحفظ ضرورة ولكن يجب أن تقدر بقدرها, فيحفظ النشء الأساسيات الضرورية للتفكيرثم يواصل بلورة بنائه الفكري عن سبيل الملاحظة والمقارنة والتمعن الاستقرائي العميق.ثانيا.إكساب الطالب أسس وآليات التفكير المتسم بالمنطقية وذلك من خلال توشيح المقررات الدراسية بجملة من الموضوعات المترعة بالأفكار التي تحتفي مضامينها بأولوية تكوين حس المقارنة واستبيان المفارقة والاعتماد على الكلام المبرهن المستند إلى معطيات مدللة تلك الافكار يفترض أن تنادي محتوياتها بالبحث عن الحقيقة والتجرد من حظوظ الأنا والتأبي على المؤثرات الخارجية فلايتم الإذعان لها إبان تقريرالأحكام, بالإضافة إلى انها تعمق في حس الطالب محورية الربط بين العلل ومعلولاتها والنتائج ومقدماتها إلى جانب النأي عن الرؤى الأحادية والتعبيرات الحدية والمبالغات الجزمية والافكارالجزئية والتصنيمات الشخصية.لابدمن إيجاد موضوعات تنمي فى ذهن الطالب ضرورة المرونة وعدم التصلب الفكري وتقر في خلده ازدراء الجمود والروتين والحرفية والتسطح, وتقدح زناد وعيه للتشوق إلى المعرفة والتطلع إلى الجديد. المقرر الدراسي يؤدي دورا بنائيا عندما يلفت النظر إلى أهمية الوعي بالذات والوعي بالآخروالانفتاح على الآراء المباينة والإصغاء إلى ذوي النظرات المغايرة وإبداء درجة كافية من التقبل ومن ثم تحديد الرفض أوالقبول. المنهج الدراسي يفترض أن يضم فى جنباته أدبيات عديدة تجلي كيفية تدشين استراتيجيات تخطيطية للمستقبل,وآلية بلورة الغايات,والماهية المثلى للتعاطي مع المشكلات وكيفية صياغة برامج للتطويرالشخصي وبلورة الروح القيادية وتجلية القوالب ذات الفاعلية في إيجاد علاقة زوجية تتمتع بروح الفريق الأسري المتناغم. يفترض أن يعتني ذلك المقرر بإنضاج مقومات التجريد والقدرة على استشفاف الأبعاد الخارجة عن الأطر المعلوماتية المحدودة,وصياغة المتبنيات والتعاطي مع ضرب من الرؤى والخبرات النائية عن حدود المعايشة الحياتية,كثيرمن صورالإخفاق التي يُمنى بها الأكثرون ليست إلاأثرا من آثار تهالك البعد التجريدي. إن من المهم تقرير موضوعات تحفز التركيبة العقلية على توليد مجسات استشعارية يجري من خلالها تحسس المفردات اللامباشرة التي تنذربوقوع الخطردون الشعوربه..يفترض أن يحفل المقرربقضية ترسيخ مبدأ النسبية وتجلية المطلق وتعيين ماهيته. إن امتداد مسافات النسبية هوالذي يرشح لرحابة عقلية وخيال فائق التوتر. إن رفع مستوى المحاكمة النقدية المرتكزعلى مجافاة الاحكام التعميمية والنعوت التهويلية أمرتتحتم الدعاية له في مناهجنا بحسبه إحدىالقرائن الدالة على بلوغ مستوى متميزمن التوازن العقلي. [email protected]