رفض (الجديد)، أو محاربة (التجديد)، أو الإصرار على بقاء الحال على ما هو عليه، أو الدوران في حيِّز الدائرة نفسها (الضيق)، طبيعة، وسمة أغلب المجتمعات التقليدية، والمنغلقة أو مجتمعات (إنّا وجدنا عليها آباءنا) .. وطبيعة تلك المجتمعات أيضا الثورة والتعبير عن الرفض ما أن يجد جديد عليها!! من ذلك رد الفعل السيئ تجاه عرض الفيلم السينمائي (مناحي) من قِبل المتشددين والعبّاد .. ثلة قد تسيء لجهاز ومنهج ديني بطريقة أو بأخرى.. تناقلت الصحف الداخلية رد فعل المتشددين حيال عرض الفيلم ورفضهم له .. وحجة الرفض .. ولكن ما أود الإشارة إليه عبارة تلفّظ بها اثنان من المتشددين ضد (مدير العلاقات العامة والإعلام ب روتانا - إبراهيم بادي): (نبشرك بالنار يا إبراهيم .. ولن ينفعك ما تقوم به)!! النار والجنة من جزاء الخالق لعبده المخلوق..!! أقول: جزاء الخالق للمخلوق .. وليس جزاء المخلوق للمخلوق!! فقد روى مسلم في صحيحه: عن جندب أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (حدث أنّ رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأنّ الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك). وعن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على الذنب فقال: له أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت عليّ رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: كنت بي عالماً أو كنت على ما في يدي قادراً، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار (قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) « صحيح الجامع (4455)». لست في مقام مفتٍ أو عالم دين .. لكن ما يقرّ به الشرع الإسلامي .. ونعلم به أبناءنا وبناتنا في مراحلهم الدراسية في منهج التوحيد أنّ الجزاء والعقاب بيده سبحانه.. وأنّ العبد يدخل الجنة برحمة لا بعمله .. وأننا لا نملك حق تقرير مصير فرد أو الحكم عليه بأنه صالح أو فاسد، لأنّ ما يظهر لنا (فقط) الجهر من عمله في حين أنّ السر من علم الله وعليه يحاسب محاسبتهم للنوايا.. وأنّ أكثر ما يكبّ الناس على وجوههم في النار؛ حصائد ألسنتهم.. وأنه هناك فرق وبون شاسع بين (العابد) و(العالِم).. ولأنّ أغلب (متشددي) المنطقة (عبّاد) ليس إلاّ؛ تهوروا، تجمهروا أمام مركز الملك فهد الثقافي، مكان عرض الفيلم .. مفترشين الطريق عارضين بضاعتهم من الأشرطة الدينية!! التي أرى أنهم الأولى في فهمها الفهم العميق، فهم (العالِم) بعلوم الدين .. لا فهم (العابد) حتى تمزّقت سجادته وليس في ذهنه الكم الكافي من علوم الدين.. ص. ب 10919 - الدمام 31443 [email protected]