لماذا هذه الأصداء المجلجلة لقرار اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله لأخيه سمو الأمير نايف نائباً ثانياً لمجلس الوزراء، سؤال يحمل الإجابة لأنه اختيار حكيم في موضوعيته وفي توقيته، فمن جهة لأن الكل يعرف من هو نايف بن عبد العزيز المعروف بحكمته وبعد نظره وسمو أخلاقه وقدراته المميزة على التحمل والصبر واستيعاب كافة وجهات النظر مهما كانت متباينة ومتعارضة، الرجل الذي لا يعرف الغضب والانفعال بكل صورهما طريقاً إلى سلوكه الملتزم بكل وعي بمقومات ومكونات الحكم والدقيق في التقاط كل ما يرتبط بقضايا سيادة الوطن ونظامه.. نايف بن عبد العزيز الحاكم الوطني أو المحلي لما يقرب من أربعين عاماً مرت بها المملكة بكل أنواع المتغيرات والتحولات والتحديات الداخلية والخارجية وظل صامداً بهدوء وحازماً بصلابة أحياناً، ورفقاً أحياناً أخرى. إن اختيار خادم الحرمين الشريفين هذا هو استكمال لاختيار المؤسس الملك عبد العزيز تغمده الله بفسيح جناته له أميراً للرياض وهو في سن مبكر على تحمل المسؤولية لأن والده رأى فيه علامات القيادة والحكمة والتفرد هذه حقيقة سجلها التاريخ كشهادة على صحة اختيار اليوم. وأنا حين أكتب عن نايف بن عبد العزيز فإنني أكتب من خلال تجربتي الخاصة لمدة ربع قرن تحت قيادته في مواجهة كثير من المواقف اليومية مع المواطن ومع القضايا ومع القيادات الدولية وقد تعلمت من حكمته وممارسته الكثير بل أكثر ما تعلمته في مقاعد الدراسة المضنية.. كان يدهشني بقدرته على التحمل واستيعابه الفطري السريع للمواقف والتأني الصائب في مواجهتها.. وإذا كنا بصدد البحث عن شاهد آخر خارجي تميزه وكفاءته فهاهم وزراء الداخلية العرب قبل ما يقارب العقدين من الزمن وفي وقت كانت العلاقات السياسية لبعض دولهم مع المملكة في أسوأ أحوالها.. يختارونه رئيساً فخرياً دائماً لمجلس وزراء الداخلية العرب.. لماذا لأنهم من خلال الممارسة وجدوا فيه الراعي الحكيم المتوازن المنصف الذي يتدخل لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات بين الوزراء والدول في حينها لإنقاذ اجتماعات المجلس. أما الجانب الآخر لقيمة اختياره من قبل خادم الحرمين الشريفين نائباً لرئيس مجلس الوزراء فهو جانب التوقيت حيث تمر المملكة بمرحلة تاريخية في مواجهة الكثير من التحديات الداخلية والخارجية، تنموية، أمنية، واجتماعية تحتاج فيها قيادتنا الرشيدة إلى رجل مثل نايف بتجربته الطويلة ومعرفته بكل قضايا الحكم في شموليته وأبعاده وهذا مصدر اطمئنان للوطن وهو ما تعبر عنه هذه الفرحة وهذا التقبل الذي لقيه هذا الاختيار التاريخي الموفق، وفرحتنا بذلك اكتملت بشفاء ولي عهدنا المحبوب الأمير سلطان بن عبد العزيز وقرب عودته للوطن.. سالماً معافى. سدد الله خطاك يا خادم الحرمين الشريفين وأمدك بعونه وبالبطانة الصالحة التي تعينك على بلوغ ما تصبوا إليه وأخوانك المسؤولين لوطن يحبك.