تفزع حين تطالع في الصحف والمجلات أخبار المدمنين والمروجين المفسدين في الأرض، تخاف عندما تسمع ما لا يقبل النشر من حوادث دامية ونهايات حزينة تعصف بأسر وتهد كيانات والسبب المخدرات، يجن جنونك وتفقد صوابك لو كانت متطلبات عملك الوظيفي تلزمك بمباشرة الحوادث وملاحقة العابثين بالأمن خاصة مروجي المخدرات، ولذا كانت المخدرات مع الإرهاب جنباً إلى جنب هما من يهدد أمن الوطن ويعصف بطمأنينة واستقرار المواطنين، وبين الاثنين صلات وطيدة وعلاقات متجذرة أشار إلى هذا وبالتفصيل كثير من الباحثين المختصين والكتاب الراصدين للحراك الإجرامي في هذا الجزء أو ذاك من عالمنا العربي والإسلامي الواسع، بل إن (التمويل الأساس لبعض الحركات الإرهابية هو من تجارة المخدرات)؛ الأمر الذي جعل رجل الأمن الأول في المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية - وفقه الله - يقول وفي أكثر من مناسبة: (المخدرات هي عدونا الأول)، ومع أن للمؤسسة الأمنية جهوداً رائعة وأعمالاً متميزة ذكرتها التقارير العالمية وكتب عنها الزملاء الأعزاء في زواياهم المختلفة، إلا أن ما تناقلته الصحف والمنتديات الأسبوع الماضي يدل دلالة واضحة على أننا أمام حرب شرسة منظمة يقف خلفها أعداء الدين والوطن وتسندهم في مهمتهم هذه مافيات دولية خطيرة ومتمرسة وذات نفس طويل وقدرة على التلون والمخاتلة والمراوغة، وهذا يعني وجوب تجييش جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية من أجل توعية المجتمع وتثقيفه وتحصينه؛ حتى لا يقع ضحية لهذه الآفة الخبيثة ويتأثر بما يقوله المروجون والباعة عن بعض أنواع المخدرات التي يسوقونها هنا وهناك، وللتاريخ فقد أدرك جمع من عقلاء هذا البلد المعطاء خطورة الأمر منذ زمن ليس بالقصير، فتنادوا طوع اختيارهم، وتباحثوا بينهم حيال هذا الداء الفتاك الذي بات يشكل خطراً داهماً على البيت السعودي المسلم، وكانت النتيجة ميلاد (الجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات) عام 1426ه، ولقد شرفت قبل أيام بزيارة المقر الرئيس لهذه الجمعية المباركة، والتقيت هناك عددا من الباحثين المختصين المنتمين لهذا الكيان الخيري المتميز وعلى رأسهم د. عبد الإله بن محمد المؤيد رئيس مجلس إدارة الجمعية، اطلعت على الجهد التطوعي الرائع الذي يبذل من أجل الوقاية سواء في الرياض العاصمة أو في بقية الفروع، ودار حديث مستفيض حول هذا الداء الفتاك ومسؤوليتنا الاجتماعية نحن أبناء هذا الوطن المعطاء لوقاية المجتمع من هذا الخطر الخطير، عفواً ليست وقاية المجتمع هلامية الوجود بل وقايتنا نحن، وقاية أبنائنا وبناتنا من أنواع كثيرة من المخدرات خطط الأعداء لانتشارها في بلادنا، ووجدوا للأسف الشديد من أولادنا من يساعدهم للوصول إلى مآربهم فصار الخطر يقرع أبوابنا صباح مساء، ومن باب الشعور بالواجب الديني والوطني، وحتى لا نقرع سني الندم يوم ما، ومن باب الدعوة إلى الخير والتذكير به، أشيد بما رأيت وسمعت وقرأت فالجمعية كما تقول عن نفسها: توجه نشاطها لكل أفراد المجتمع خاصة الشباب من الجنسين وذلك من أجل: * التعريف بأنواع وأشكال المخدرات. * تعريف الأسرة بأعراض الإدمان. * تعليم الأبوين كيفية التعامل مع الابن أو البنت إذا تم اكتشاف أنه يتعاطى المخدرات لا سمح الله. * رعاية التائبين ومساعدتهم في عدم الرجوع إلى المخدرات مرة أخرى (برامج الرعاية اللاحقة) وهذه الرعاية من الأهمية بمكان. ومع هذه الإشادة المستحقة التي اعتبرها واجباً علي وحقاً لمنسوبي الجمعية والمتطوعين فيها، أذّكر بأن الجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات تحتاج الينا جميعاً ونحن أشد ما نكون حاجة لها، تحتاج إلى الدعاء الصادق، تحتاج إلى مشاركتها بالتفكير الجاد لابتكار الوسائل المثلى من أجل الوقاية من هذا الخطر الداهم، تحتاج إلى الدعم مادياً وأدبياً، ولمن يجد في نفسه الأهلية فهي ترحب به عضواً جديدا، وأخيراً تحتاج إلى التطوع للعمل يداً بيد من أجل تنفيذ ما رسمه مجلس إدارتها من أهداف وحتى نحمي أبناء المجتمع من المخدرات، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، والسلام. [email protected]