الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد: فالمخدرات داء الشعوب, وهلاك الأمم, وخراب الديار, إنها السلاح الخطير, بيد فاقدي الضمير, تفتك بالعقول فتعطلها, وتفتك بالأجساد فتهدّها, وتفتك بالأموال فتبددها, وتفتك بالأسر فتشتتها, وتفتك بالمجتمعات فتحطمها, فيا لها من بلية أعظم بها من بلية, ويا لها من رزية أعظم بها من رزية. *, وأخبر أنه لا يحب الفساد ولا أهله, فقال: {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَاد} *البقرة:205*, وقال: {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين} *المائدة:64*, وهو يشمل فساد الفكر والعقل وإفساد القول والعمل, الفساد الحسي والمعنوي, وهذا يشمل الأعمال الإرهابية, ويشمل ما كان بمعناها أو أشد, كهذه الآفة الخطيرة, ولذا اتفقت الدول الإسلامية، بل والعالمية على محاربة هذا الخطر المدمر والفساد العريض. ووطننا الآمن, وبلادنا الحبيبة, المملكة العربية السعودية وهي القدوة للعالم قد قطعت شوطاً كبيراً في مكافحة المخدرات والقضاء على مهربيها ومروجيها, كما حققت العديد من الضربات الاستباقية, وصادرت أطناناً منها, وما زالت المملكة تواصل مهمتها حتى يتم تطهير الوطن من أولئك المفسدين والمهربين الذين يروجون سمومهم للقضاء على الشباب المسلم في هذا الوطن المعطاء, والشيء الذي لا يعلمه أولئك الذين يقعون ضحية لأولئك المروجين أنهم يروجون سمومهم وهم في الأساس لا يتعاطونها كونهم يدركون تدميرها للعقل والصحة, ونهايتها الموت لا محالة. واعتمدت المملكة العربية السعودية البعد الدولي في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة, حيث أسهمت في النشاط الدولي، وحرصت على الاشتراك في الهيئات والمؤسسات الدولية ذات العلاقة بمكافحة المخدرات, فأقامت علاقة مع المجلس الدولي للوقاية من الكحول والمخدرات مبنية على التعاون المشترك لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من الخبرات الدولية، كذلك الاشتراك مع المجلس في تنفيذ بعض الدراسات والبرامج التي تهدف إلى تحجيم ظاهرة تعاطي المخدرات.وقد صدر في عام 1405ه أمر أمير الأمن صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بتشكيل لجنة وطنية لمكافحة المخدرات تعنى بوضع برامج مدروسة تهدف إلى تكوين وعي اجتماعي لدى أفراد المجتمع بأضرار المخدرات, وسوء استعمال العقاقير الطبية، مع مراعاة تلك البرامج للفئات الموجهة إليها, وكذلك علاج من ابتلوا بهذا السم عن طريق العلاج التلقائي, وقبل ذلك الجهاز المعني بمكافحة المخدرات من إدارة في جهاز المباحث العامة, إلى المديرية العامة لمكافحة المخدرات, وذلك في عام 1428ه, ويقوم رجالها بواجب عظيم, كيف لا وهم يضعون أرواحهم على كف الخطر, فداء لهذا الوطن وشبابه, ولا يتصور مدى الخطر إلا من أدرك الحال المأساوية التي يصل إليها المدمن, حيث يتحول إلى وحش كاسر, لا يهمه من حوله ولو كان أقرب قريب, فيأتي رجال الأمن ليكون مقاومًا لهم وهو في هذه الحال الخطيرة, ألا إنهم فدائيون مجاهدون في سبيل الله, ومن أجل حماية الوطن وأبنائه من عوادي وعواري المخدرات, التي تؤثر على العقول, وتهين الإنسان وتجعله سلعة رخيصة في أيدي تجارها ومروجيها, الذين لا يألون جهدًا في هدم كل فضيلة, فضلاً عن العداء للإسلام والمسلمين بصفة عامة, وبلاد التوحيد المملكة العربية السعودية بصفة خاصة.وإن ما يقوم به هؤلاء الرجال من عمل وطني شرعي مخلص سيسجل في سجلهم الحافل, ويحسب لهم عند الله عز وجل يوم يلقونه, ولا ينفعهم إلا ما قدموه خدمة للدين, وتحقيقًا لتطلعات ولاة الأمر. وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من منطلق حرصها وسعيها لتحقيق أهدافها أنشأت «المركز السعودي لدراسات وأبحاث الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية», والذي هدفت الجامعة من إنشائه إلى توظيف المنهج العلمي لدراسة ظاهرة المخدرات في المجتمع السعودي بجوانبه الثلاثة: (الوقاية والمكافحة والعلاج)، وإعداد الدراسات العلمية, والرصد الدقيق, والتوصيات الملائمة للحد من هذه الظاهرة, ومعالجتها من منظور شمولي معتمد على البحث والدراسات العلمية, ويستوعب جميع الأبعاد والمتغيرات ذات الصلة بقضية المخدرات، كما يسعى إلى الإفادة من الخبرات الدولية الناجحة في مجال اهتمامه، من خلال وجود القاعدة المناسبة من الأقسام العلمية وأعضاء هيئة التدريس المتخصصين والمهتمين بمجال عمل المركز، إضافة إلى توافر بنية علمية أكاديمية مهيأة وتوافر القدرة على إجراء الدراسات والبحوث الميدانية على مستوى المملكة العربية السعودية, وقد كان أولى ثمار هذا المركز الواعد, ومن أبرز وسائله الاستشرافية الشراكة مع الجهة الرسمية المعنية بالدرجة الأولى بهذا الداء العضال, والآفة المدمرة, إنها المديرية العامة لمكافحة المخدرات, وها هي تسعد في يوم السبت 7 / 4 / 1432ه بالإنجاز المهم الذي يأتي تتويجًا لدورها التكاملي مع جهاز المكافحة, وذلك بتوقيع اتفاقية مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات للتعاون البناء المثمر معهم في مكافحة تلك الأخطار, وإن الجامعة لتتشرف وترفع رأسها في أن تكون أول جامعة تتفاعل تفاعلاً ظاهرًا حسيًا ومعنويًا, علميًا وبحثيًا في كل مجال, ومن خلال الدراسات التي ستنطلق بإذن الله تعالى عبر المركز السعودي لدراسات الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية, والتي تمت الموافقة السامية على إنشائه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, ويعتبر المركز الأول من نوعه على مستوى الوطن, ولذلك حمل هذا الاسم الكبير: «المركز السعودي», وإني على يقين أن هذا المركز برؤيته ورسالته وأهدافه وبرامجه, وما سيقدمه من فعاليات سيكون عونًا وسندًا لكل العاملين في مجال المخدرات والمؤثرات العقلية, وعلى رأسها المديرية العامة, والإدارات في منطقة الرياض وغيرها من مناطق المملكة العربية السعودية, وما ذاك إلا لأن المخدرات وكما ذكرنا هي وجه آخر للإرهاب, بل قد تكون داعمة ومعينة, ومن أبرز عوامل نجاح الإرهابيين -رد الله كيدهم في نحورهم-, وهذا المركز بإذن الله تعالى سيكون من برامج الوقاية والدفع عن هذا الوطن الغالي يعمل على تحقيق تطلعات ولاة الأمر -حفظهم الله-, وكما قيل: درهم وقاية خير من قنطار علاج, وأيضًا القاعدة الأصولية تقول: «الدفع أولى من الرفع». ومن هنا فلابد أن تتضافر الجهود, وأن يعمل المركز بالترتيب والتنسيق الفاعل المثمر مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات, ومن أجل تحقيق أهدافه ورؤيته ورسالته, وخير معين لهم هم العاملون في هذه الإدارة المباركة. ونحن مستعدون في الجامعة, وعبر هذا المركز وغيره من وحدات الجامعة كعمادة شؤون الطلاب, وما يخص الطالبات أن نسهم بكل جهد, صغير أو كبير, علمي أو عملي من أجل حماية عقول أبنائنا من المؤثرات العقلية أيًّا كان نوعها, ونعد ذلك واجبًا شرعيًا وطنيًا لابد أن نسهم فيه, وليس لنا فيه فضل, بل الفضل لله تعالى, ثم لولاة أمرنا -حفظهم الله-, وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك/ عبد الله بن عبدالعزيز, وسمو ولي عهده الأمين الأمير/ سلطان بن عبد العزيز, وسمو النائب الثاني الأمير/ نايف بن عبد العزيز, وسمو نائبه الأمير/ أحمد بن عبدالعزيز, وسمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير/ محمد بن نايف بن عبدالعزيز, فهم من يسهر على أمن هذا الوطن وخائه وحمايته من كل ما يعكر هذه الجوانب الأساسية, ولا نملك إلا أن نحمد الله تعالى على توفيقه لهم, ونشكره على نعمة ولايتهم, ونتعبد لله تعالى بطاعتهم, وأن نكون جنودًا مخلصين لهم, ثم نقدم الشكر الجزيل والامتنان لهم على جهودهم الموفقة, ودعمهم غير المحدود لكل ما فيه صلاح البلاد والعباد, وخصوصًا الفتيان والفتيات والشباب الذين هم حماة العقيدة ودعاة المستقبل, وهذه الاتفاقية نرقب آثارها في المستقبل القريب, وسيكون لها أثر واضح, وبرامج متفاعلة تبدأ في القريب العاجل, وعلى رأسها مؤتمر علمي عالمي لمكافحة المخدرات والوقاية منها, يقوم عليه المديرية العامة لمكافحة المخدرات, بالتنسيق مع المركز السعودي لدراسات مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية, ثم أيضًا تفعيل البرامج عبر عمادة شؤون الطلاب, ووكالة الجامعة لشؤون الطالبات, ووكالة الجامعة لشؤون المعاهد العلمية التي تعد روافد للجامعة, وبلغ عددها أكثر من سبعين معهدًا منتشرة في مدن ومحافظات المملكة العربية السعودية, ويمكن أن تسهم وتحقق مصالح كبيرة في هذا المجال, كما أن للجامعة فروعًا في الخارج تزيد على الثمانية يمكن أن تساهم في ما يتعلق بالعمل الدوري الذي يقي بلادنا وأبناءها من هذه الشرور. وفي الختام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكلل الجهود بالنجاح والتوفيق, وأن يحقق ويهيئ لنا الأسباب التي تعيننا على بذل كل ما يستطاع خدمة للدين والوطن, وتحقيقًا لتطلعات ولاة الأمر, ولا يفوتني في الختام أن أشكر الجنود المخلصين, والرجال الأوفياء في المديرية العامة لمكافحة المخدرات, وعلى رأسهم وفي مقدمتهم سعادة أخي اللواء/ عثمان بن ناصر المحرج, وأيضًا زملاؤه في الإدارات العاملة في هذه الإدارة، وهي المديرية العامة لمكافحة المخدرات في مناطق المملكة على جهودهم وأعمالهم المخلصة, وعلى كل ما نجده من تفاهم وتعاون وسعة صدر, ورحابة في كل الشؤون, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين. - مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية