جاء الإسلام فأضاء بنوره ظلام العقول والقلوب، وخلص الناس من أمراض الجاهلية، ومن هذه الأمراض كراهية إنجاب البنات، وهي الكراهية التي وصلت بالجهلاء في عصور ما قبل الإسلام إلى وأد بناتهم،فأنكر الإسلام هذا الفعل الشنيع، في قرآن يتلى إلى يوم الدين، قال تعالى { وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت}. وبعد قرون طويلة، جاء العلم ليثبت أن المرأة ليست مسؤولة عن نوع المولود، وهل هو ذكر أم أنثى، وأن ذلك يرجع -بعد الله تعالى - إلى الرجل بالأساس، وعلى الرغم من ذلك نجد من يصر على ممارسة الجاهلية الأولى، ويسود وجهه إذا بشر بأنثى، بل وربما ينفس عن غضبه بكلمات موجعة قاسية لزوجته التي لم تتعاف بعد من آلام الولادة، غير واعٍ بوقع هذه الكلمات على نفس هذه الزوجة الواهنة، التي لا ذنب لها فيما تلام عليه. ومما يؤسف له أن نجد مثل ذلك الأمر يحدث بين رجال نالوا حظاً من التعليم والثقافة، وبعضهم قد يشغل مناصب رفيعة.. ويتذرعون في تبرير تلك الكراهية لإنجاب البنات، بأنهم يتطلعون إلى ولد يحمل اسم العائلة، ويرث مالها، ويتحمل أباه في شيخوخته. ولهؤلاء نقول: إن كراهية إنجاب البنات اعتراض على ما قدره الخالق عز وجل، الذي { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ} أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ، ويجعل من يشاء عقيماً،وهي أيضاً جحود للأجر العظيم الذي وعد الله به أبا البنات الذي يحسن تربيتهن.. وبعد ذلك فإن هذه الكراهية ظلم للزوجة التي لم ترتكب جرماً، وجرح لمشاعرها، وكذلك ظلم لطفلة لا حيلة لها ولا ذنب، إلا إذا كان جهل الآباء يتحمله الأبناء، أقصد البنات. ولكل هؤلاء نقول: انظروا حولكم، فما أكثر ما كان الأبناء الذكور سببا في تعاسة آبائهم وشقائهم، وما أكثر ما كانت البنات عوناً وفخراً لعائلاتهن.. لعل ذلك يكون دافعاً للتخلص من الكراهية البغيضة لإنجاب البنات والتخلص أيضا من جهل الجاهلية. [email protected]