تابعت التحقيقات التي نشرتها الزميلة الحياة حول خط التابلاين (خط أنابيب الزيت الخام عبر البلاد العربية)، وهو ما يظهر جزءاً مهماً من تاريخ تطور أحدثه النفط في تاريخنا، حيث مدن سعودية تدين له بالفضل بعد أن كانت قرى تعتمد على الرعي، بخلاف العائدات النفطية السريعة، والتابلاين هو خط نفط ينطلق من بقيق وينتهي في مدينة صيدا اللبنانية على البحر المتوسط. بدأ تشغيله عام 1950 إلا أنه توقف عن العمل مع بداية الحرب اللبنانية الأهلية 1976. وتم تفكيك محطات الضخ الخمس، في حين لا يزال الخط موجوداً. بعد الحرب العالمية الثانية كانت رحلة النفط الخام من رأس تنورة إلى البحر الأبيض المتوسط، تستغرق وقتاً طويلاً. من أجل ذلك فكر بإنشاء خط أنابيب لنقل النفط الخام من حقول النفط في مدينة بقيق السعودية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط. وأن يكون مصب الخط في ميناء حيفا في فلسطين إلا أن قيام إسرائيل عام 1948 عطّل التنفيذ، عندها أمر الملك عبد العزيز، إما بإلغاء الخط كاملاً أو إيجاد مسار بديل، وتم تحويل مساره إلى ميناء صيدا في لبنان عبر الأردن وسورية. يذكر أنه وعند تحميل أول شحنة للنفط الخام من ميناء صيدا لأول مرة كان سعر البرميل في بورصة نيويورك 3 دولارات. وحول (التابلاين) المحطات الخمس التي يمر بها إلى مدن، وفضلاً عن إنشاء مطارين في عرعر وطريف، والأخير كان يستقبل رحلات دولية، قامت الشركة ببناء مقار الأجهزة الحكومية والخدمات، والطرق، وحيث محافظاتالنعيرية والقيصومة ورفحاء وعرعر وطريف. وأدت عمليات التنمية هذه إلى استقطاب آلاف المواطنين إلى عرعر بحثاً عن عمل، وكان من بين هؤلاء البدو الرحل الذين كانوا يلاحقون المراعي في شمال الجزيرة العربية. ومن المفارقات التي يشير إليها التحقيق أن محافظة طريف وهي آخر محطة ل(التابلاين) في المملكة والتي تشكو حالياً من (تعثر) مشاريع التنمية فيها، كانت متقدمة تنموياً مقارنة بمدينة مثل جدة. وقد توقف ضخ التابلاين موقتاً مرتين الأولى خلال (العدوان الثلاثي) على مصر عام 1956، وإثر (النكسة) عام في 1967 . والتحقيق يظهر عملاً توثيقياً للتأثيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي أحدثها هذا المشروع، والذي كان خلف عدد كبير من تكوين الثروات لأسر عدة في البلاد. حيث سيرة (التابلاين)، هي سيرة تنموية مختلفة ومتقدمة قادها الرأس المالي الأجنبي القادم للاستثمار في بلادنا منذ وقت مبكر بفضل الكشف عن الذهب الأسود، وهو تأثير تحدثه بأشكال مختلفة مشاريع القطارات والسكك الحديدية التي أصبحت حاجة تنموية واقتصادية تأخرت كثيراً. إلى لقاء...