هذا التنظيم الصارم في حركة خروج ودخول النمل، أغرى مجموعة من العلماء الألمان بإنشاء مزرعة نمل، ضمت طرقاً ومعابر ثم أخذوا يراقبون الأنماط المرورية للنمل، وقد أوضحت الدراسة التي نُشرت عن نتائج هذا العمل (أن العلماء قاموا بمد طريق سريع للنمل ذي مسارين مختلفي الحجم من العش إلى محلول سكري، ولم تكن مفاجأة - لهؤلاء العلماء- أن المسار الأضيق سرعان ما أصبح مزدحماً، لكن ما أدهش العلماء أنه قبيل ازدحام المسار الأقصر بفترة قصيرة أن النمل الذاهب عمل على تحويل النمل الآتي في الاتجاه المضاد إلى مسار آخر، وهو ما أدى إلى عدم حدوث اختناقات مرورية مطلقاً)... وتمضي نتائج البحث الذي نشرته إحدى المجلات الألمانية وأشرف عليه خبير في مجال الذكاء الجمعي، حتى تصل إلى (إنشاء نموذج حاسوبي لشبكات أكثر تعقيداً لمسارات ذات أطوال متباينة، وما أثار استغرابهم أن النمل استمر في عمل الشيء نفسه وأعاد توجيه النمل القادم إلى ممرات أقل ازدحاماً، بل إن النمل القادم أجبر على اتخاذ مسار أطول، ومع ذلك تمكن من الوصول إلى الغذاء بسرعة وفعالية، ويكمن اللغز الآن في معرفة كيفية تداول النمل هذه التقارير المرورية)!. ما سبق بعض ما أوردته الصحف عن عقلية النمل، التي حيَّرت العلماء وحيَّرت عامة الناس، فأولاً النمل أنواع، هناك الذي قرصته والقبر.. وهناك النحات الذي ينفذ إلى الحديد.. وهناك الشره الذي يُضحي براحته من أجل حبة قمح أو سكر، وكل هذه السلالات النملية، لا تتحرك أو تشق طريقها عبثاً.. هناك عقول تخطط وعقول تنفذ وعقول تستفيد من كل ذلك بدقة متناهية، من المؤكد أنها حيَّرت الناس وستحيّرهم أكثر وأكثر في مقبل أيامهم! وما دمنا في سيل الأسئلة، فما هي اللغة التي يلجأ إليها النمل لعقد اجتماعاته أو للدعوة إلى النفير العام والمنظم من أجل كمية لا قبضة يد من القمح أو السكر أو العظام؟ هل لدى الزواحف أو الحشرات أو الحيوانات وأبرزها النمل لغة أو إشارة معينة عابرة وسريعة وشاملة تجعل الفصيلة من هذه الأجناس تستنفر نفسها، للأكل أو للدفاع أو للبحث عن مأوى أو سكن أو ملاذ من البرد والحر والمطر والمرض والجوع والآلام.. ما حيّر فريق الباحثين الألمان بقيادة (ديرك هيلبينغ) حيَّر قبله وسيُحيّر بعده آلاف أو ملايين المهتمين بالقدرة أو الطاقة التي تحرك الكائنات غير البشرية، وهي كلها ستثبت شيئاً واحداً، ليس الإنسان فقط القادر على التطور ووضع الخطط لتكون حياته سهلة وميسرة والقادر على وضع نفس الخطط للدفاع عن وجوده... الحيوانات كلها: الزاحفة والطائرة والراجلة لديها مثل ذلك، وما قام به العلماء خطوة نحو الاستفادة من كائنات لم نكن نتخاطب معها إلا بالتدمير، مثلما أفعل مع النمل عندما يمتد سربه إلى مخزوني من السكر أو القمح أو اللحوم....! لقد قيل إن الإنسان لكي ينجح يجب أن يكون دءوباً كالنملة، وقناصاً كالنملة، ولديه قرون استشعار تتبع الصفقات والفرص والغنائم كالنملة، فالنجاح أمه وأبوه الدأب والصبر، وقبل ذلك كله النظام والمتابعة، وعندي بعد ذلك مثل قصير، يقوله الحضارمة، وهم قوم ناجحون مثل كافة أبناء السواحل يقول المثل: (قع نملة... تأكل سكر!) بمعنى كن بصفات النملة، تصل إلى السكر، والسكر يعني: النجاح والثروة والجاه والعلاقات الاجتماعية الناجحة! 012054137