الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد,, وبعد، فإن الله تعالى فطر الخلق على الاجتماع الذي يحصل به منافعهم وتراحمهم بل وقيام البشرية جمعاء، والإنسان كما قيل مدني بطبعه، فيكون بذلك الاتصال بينهم والتناسب والتصاهر والتزاوج بينهم فجاء الإسلامي فجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا وليتعاونوا، وقوى روابطهم ووشائجهم ببر الوالدين وصلة الأقرباء والأرحام بل قرن حقها بحقه وجلعها من صفات أوليائه فقال سبحانه: والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، وبيّن ان الإخلال بها افساد في الأرض فقال سبحانه: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله ، وقال صلى الله عليه وسلم: الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ، متفق عليه، وقال محذراً من إهمالها: ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع مايدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ، وقال: لايدخل الجنة قاطع رحم , متفق عليه، واخبر صلى الله عليه وسلم أنها دلالة الإيمان بالله تعالى قال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ، متفق عليه، كل هذا وذاك لأجل ما فيها من خيري الدنيا والآخرة، وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والمنافع التي لا تحد ولا تعد والتي منها: حصول التحابب، والتآلف والتعاون على البر والتقوى قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى . ومنها: تفقد الأقرباء والسؤال عن أحوالهم، والرفق بضعيفهم، وإعانة محتاجهم، ومساعدة معوزهم، وزيارة مريضهم، وتقدير كبيرهم، والعطف على صغيرهم، ذلك ان الصدقة على ذي الرحم ابرك وأفضل، والأقربون أولى بالمعروف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة , رواه الترمذي. ومنها: البركة في العمر، وبسط الرزق، ومجلبة للثراء، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في اثره فليصل رحمه , ينسأ أي يؤخر في أجله، متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر رواه الترمذي. هذه صلة الرحم وهذه فوائدها وثمارها، وذلك هو عظيم أجرها فلنحرص غاية جهدنا على صلة الأرحام ولنبدأ بالوالدين والإخوة والأخوات والأعمام والعمات وهكذا كل الأقارب، ومن له حق علينا، وانها ليسيرة على من يسرها الله عليه، فما هي إلا إلزام للنفس على طاعة الله والبر والصلة، فلنجعل لهذا الواجب الفضيل موقعاً على خطة اهتماماتنا، ومقدمة أولوياتنا، وليس الأصدقاء والزملاء بأهم من أرحامنا، ثم ان بعض الناس يقول: أنا لا أصل إلا من وصلني، ولا أزور إلا من زارني، أما الذين لا يصلونني فلا أصلهم، والذين يقطعونني فلا أزورهم فيقال لهذا: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل: إذا قطعت رحمه وصلها رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رجلاً قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولايزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك رواه مسلم. كما ينبغي ان نصفي نفوسنا من رواسب البغضاء، والحقد، والغل، والحسد، ولنحرص على سلامة الصدر وعلى السمو بالعلاقات العائلية عن الخلافات والمشاكل الدنيوية خاصة بين الأقارب والأخوة والأرحام، وان نترفع عنها، وننزه البر وصلة الرحم عن هذه المشاكل، وأن نساهم في حلها إن وجدت، وان نتغاضى ونتسامح فيما بيننا، ولا ندع للشيطان سبيلاً علينا، ولنجعل مجالسنا عامرة بالخير والإصلاح لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً . وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد. عبدالكريم بن عبدالمحسن التركي مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بالرئاسة