الاصطفاء والاختيار سنة الله في خلقه فهو سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار وقد اختار سبحانه وتعالى لعباده دين الاسلام ورضيه لهم قال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا . واختار سبحانه واصطفى من الملائكة رسلاً، ومن البشر أنبياء ورسلا، واصطفى من الأنبياء والرسل أولي العزم، واصطفى منهم الخليلين إبراهيم عليه السلام، ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين . وفي صحيح مسلم من حديث وائلة بن الأسقع يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ، واصطفى سبحانه وتعالى من الأرض مكة والبيت الحرام، وبارك في البيت المقدس، وجعل المدينة النبوية مهاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومدينته. وخص هذه المواضع والمقدسات بفضائل وبركات ومنح وعطايا، وجعلها مواضع الانبياء والمرسلين. وقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله). والمسجد الأقصى ثالث المسجدين الشريفين، وقبلة المسلمين الأولى قال تعالى: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره . وثبت في الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: فقلت يا رسول الله اي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام قلت: ثم أي قال المسجد الأقصى، فقلت كم كان بينهما قال: أربعون وفي رواية أربعون سنة أو عاماً ثم قال حيث أدركتك الصلاة فصل، والأرض مسجد لك. ولم يشرع شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام، وإلى المسجد الأقصى، وإلى مسجدي هذا رواه ابن ماجه. والصلاة في هذه المساجد الثلاثة تضاعف فيها الاجور عن ابي هريرة رضي الله عنه أو عنة عائشة انها قالت: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الأقصى رواه الإمام أحمد، وثبت مضاعفة الأجر في المسجد الحرام بأعظم من الاجر في المسجدين النبوي والمقدس، وروى الامام أحمد صلاة في مسجد بيت المقدس افضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة . والمسجد الاقصى هو بيت المقدس، وسمي الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام، ولم يكن حينئذ وراءه مسجد، وبارك الله سبحانه حول المسجد الأقصى ببركات الدنيا والآخرة وهي الأرض المباركة مقر الانبياء، ومهبط الوحي، ومواضع الصالحين، وهي مسرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقبلة الأولى، وبارك الله فيها بالزروع، والثمار، والأنهار وأهل هذه المواضع المقدسة هم المؤمنون الأتقياء والصالحون الأولياء، وقد أنكر الله عز وجل على قريش أدعاءهم بأنهم أولياء البيت قال تعالى: وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون . وأدرك سلمان الفارسي رضي الله عنه هذا المعنى وبيّنه لأبي الدرداء رضي الله عنه عن يحيى بن سعيد رحمه الله أن أبا الدرداء رضي الله عنه كتب إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان أن الأرض لا تُقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله. والأرض المباركة ومقدساتها اسلامية الجذور، عربية النبت، فلسطينية الأرض، حق لأهلها، وحق لأمتها، ناضل أهلها، وجاهد اصحابها حتى الاطفال والنساء عزلاً وبالحجارة، لاسترداد أرضهم من يهود الذين لا يألون في مؤمن إلاً ولا ذمة، ولا يرحمون شيخاً كبيراً، ولا وليداً رضيعاً، ولا امرأة ثكلا، ولا طفلاً يتيماً. وفلسطين مهوى لافئدة المؤمنين بعد الحرمين الشريفين، ومن أعظم بها مقدسات هذه الأمة تدافع عنها، وتجاهد لحفظها، وتراعى حقوقها، وقد عُني ولاة الأمر في هذه البلاد عناية خاصة، فأولوها غاية الاهتمام، وجليل الرعاية، وصدق النية، وسلامة المنهاج، وقد بذل الامام المؤسس رحمه الله جهاده الكبير في الرأي، والمال والرجال، وكانت أمنية الملك فيصل رحمه الله الصلاة في المسجد الأقصى بعد تحريرها، وكان له في المحافل والمنتديات السياسية مواقف تاريخية مشرفة في نصرة فلسطين، وحفظ مقدساتها. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين كانت جهوداً مباركة وكبيرة في ميادين كثيرة من السياسة والرأي والمشورة في نصرة فلسطين، واعزاز مقدساتها وقد كان لسمو الامير سلمان بن عبدالعزيز جهوده البارزة في الوقوف الأشم، والمؤازرة الدائمة في قضة فلسطين خصوصا، ومساعدة أهلها، وجمع التبرعات لقضيتها، وهذه الجهود منطلقة من الايمان بحق الأمة، ووجوب رد العدوان، واحقاق الحق، ونصرة المظلوم، وحفظ المقدسات. وحفظ الله بلادنا وولاة أمرنا من كل سوء ومكروه، ووفقهم للخير ونصرة الحق، وحفظ الله مقدسات المسلمين وأرضهم من عدوان الظالمين وكيد المعتدين.