حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التفكير عن تقاعسه في انقاذ بحارة الغواصة النووية الروسية كورسك بالقيام شخصيا بتعزية اهالي البحارة المتوفين وقد التقى الرئيس الروسي بأسر ضحايا الغواصة في نادي الضباط في فيديافو وهو الميناء الذي كانت ترابط فيه الغواصة المنكوبة بالقرب من مورمانسك. وتجمع 400 روسي من جميع انحاء البلاد في الميناء بحثا عن مزيد من المعلومات عن الضحايا. وقام بوتين أيضا بزيارة مستشفى السفينة سيفر التي تجمع فيها العديد من أقارب الضحايا البالغ عددهم 118 بحارا. وقد ذكرت وكالة انترفاكس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عاد بصورة غير متوقعة الى موسكو أمس الاربعاء قادما من سيفيرومورسك (شمال روسيا) ولم يشارك في حفل التأبين الرسمي لبحارة الغواصة كورسك في مرفأ فيدياييفو على بحر بارنتس. وكان أعلن سابقا ان بوتين الذي التقى عائلات البحارة ال118 مساء أول أمس سيشارك في حفل التأبين ويتوجه الى مكان الكارثة. إلا ان شبكة التلفزيون المستقلة ان تي في اعلنت أنه من الممكن ان يكون الجو الذي ساد القاعة خلال لقائه بعائلات الضحايا هو السبب وراء عودته المبكرة الى موسكو. ولم يتم الحصول على أي تفسير رسمي لذلك, وقالت انترفاكس ان نائب رئيس الوزراء ايليا كيبانوف سيمثل الرئيس خلال التأبين. وأعلنت شبكة التلفزيون المستقلة في نبأ لاحق أمس ان تي في ان حفل تأبين ضحايا الغواصة كورسك الذي كان من المقرر ان يجري أمس الاربعاء في مرفأ فيدياييفو على بحر بارنتس ألغي بطلب من الأهالي. وقال المصدر ان الغاء حفل التأبين تقرر خلال اللقاء الذي تم بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعائلات الضحايا مساء أول أمس في القاعدة. وعاد بوتين الذي كان مقررا ان يشارك في التأبين باكرا الى موسكو امس الاربعاء ولم يعط الكرملين تفسيرا لعودته المفاجئة. وأعلنت روسيا أمس الاربعاء يوم حداد على 118 بحارا غرقوا في الغواصة النووية كورسك التي هوت بهم الى قاع بحر بارنتس يوم 12 اغسطس الحالي. وواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غضب أسر الضحايا بعد ان وصل الليلة الماضية الى فيديايفو قاعدة الاسطول الشمالي لتقديم العزاء لأسر طاقم الغواصة في القاعدة التي انطلقت منها الغواصة في مهمتها الأخيرة. بذل بوتين في احيان جهدا ليعلو صوته على صوت المحتجين بعد ان تعرض لانتقادات بسبب أسلوب تعامل ادارته مع الكارثة. وعرض التلفزيون الروسي الرسمي ار,تبي,ار, مقتطفات من اللقاء والذي علا خلاله صوت مواطنة روسية وهي تقول متى سنتسلمهم أحياء كانوا أم أمواتا, أجبني كرئيس مشيرة الى جثث بحارة الغواصة الغارقة. وأجاب بوتين الذي كان يرتدي حلة سوداء سأرد على هذا السؤال حين أعرف الرد وضاعت معظم كلماته وسط صخب اللقاء وسوء التسجيل التلفزيوني لكلمته. وبينما كان الرئيس الروسي يلقي كلمته نكس العلم الروسي فوق الكرملين كما اوقفت محطات الإذاعة وقنوات التلفزيون إذاعة البرامج الخفيفة وألغت السلطات الروسية الحفلات الموسيقية والعروض الترفيهية. وكانت طائرة بوتين قد هبطت في سفيرومورسك التي تضم قاعدة الاسطول الشمالي ثم توجه الى قاعدة فيدياييفو البحرية القطبية المجاورة التي انطلقت منها الغواصة كورسك في آخر مهمة لها حيث التقى بنحو 600 من أقارب أفراد الطاقم وسكان محليين. ويواجه بوتين سيلا من الانتقادات لم يسبق له مثيل داخل البلاد وخارجها لانه لم يقطع عطلته التي قضاها في البحر الأسود فور علمه بالأمر ولتباطئه في طلب المساعدة الخارجية. وكانت أسر الضحايا الذين تجمعوا في قاعدة كورسك بمدينة فيديافو على ساحل المحيط المتجمد الشمالي يحدوهم الأمل في العثور على أحياء بين طاقم الغواصة حتى فتح الغواصون يوم الاثنين كوات النجاة الخلفية ووجدوا ان الغواصة بأكملها غارقة في المياه من الداخل. وذكرت وكالة أنباء انترفاكس ان حوالي 400 من أقارب الضحايا وصلوا من كافة أنحاء روسيا طلبت من البحرية السماح لهم بمرافقة بوتين الى موقع المأساة لالقاء الزهور في البحر طبقا لتقاليد البحرية. وقد وجهت انتقادات شديدة لبوتين لعدم قطعه اجازته في البحر الأسود بعد سماعه بغرق كورسك ولعدم اصداره أي تعليق علني على المأساة الا بعد أربعة أيام من حدوثها. وبعد التأكيد الرسمي لفقد البحارة الذي صدر يوم الاثنين تدفقت برقيات التعزية الى روسيا من العديد من الدول منها المانيا وفرنسا وايطاليا واليابان والصين وكذلك من سكرتير عام الاممالمتحدة كوفي عنان. وكانت صحيفة كومسومولسكايا برافدا قد زعمت في عددها الصادر يوم الثلاثاء ان عدد من قتلوا في الكارثة هو 130 شخصا وليس 118 شخصا كما اعلن الجيش الروسي. وقالت الصحيفة انه بالاضافة الى الطاقم المعتاد يوجد على متن الغواصة 12 من خبراء البحرية المدنيين ولكن البحرية أصرت في وقت لاحق على صحة العدد الرسمي الذي اعلنته. وبعد رفض طلب من الحكومة الروسية للمساعدة في انتشال جثث طاقم البحارة، أعلن مسؤولو شركة ستولت أوف شور البريطانية النرويجية ان فرق الغواصين الذين فتحوا كوات الغواصة غادروا مكان الحادث. ولكن مسؤولي الشركة في ستافنجر بالنرويج قالوا في وقت لاحق انهم يناقشون مع الروس كيفية القيام بعملية انتشال الجثث باستخدام الغواصين ولم يستبعدوا مشاركتهم في مثل هذه العملية. والقلق الرئيسي الذي يساور الفرق الاجنبية هو الخطر الذي يمثله الحطام داخل الغواصة واحتمال وجود مخاطر نووية من المفاعلين النوويين للغواصة الا انه لم يتم حتى الآن رصد أي تسرب نووي من الحطام. كما ان الغواصة البريطانية الصغيرة ال, آر, 5 التي كانت تقف على أهبة الاستعداد للقيام بأية محاولات للانقاذ، غادرت هي الاخرى موقع الحادث وبدأت رحلة العودة الى بريطانيا. وقد بدأت البحرية الروسية بحث خطط لانتشال الحطام ولكنها قالت انه ليس من المحتمل القيام بذلك بدون مساعدة أجنبية. وعلاوة على وزن الغواصة الغارقة والذي يصل الى 000,25 طن مع المياه التي بداخلها فان العملية معقدة لأن جسم الغواصة قد ينشطر ويتسرب منه الاشعاع النووي في البحر. وقد تعرضت الحكومة والبحرية الروسية لهجوم جديد للطريقة التي تعاملت بها مع الكارثة خاصة بسبب استغراقها وقتا طويلا قبل قبول العروض الغربية بتقديم المساعدة لانقاذ أفراد الطاقم المحتجزين. فقد أعلنت البحرية الروسية ترجيحها لمصرع طاقم الغواصة المنكوبة في نفس يوم وصول فرق الانقاذ البريطانية والنرويجية وكأنما كانت على علم مسبق بأن الغواصة كانت قد تحولت بالفعل الى مقبرة جماعية للبحارة. ونقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن الكسندر رتسكوي حاكم منطقة كورسك بوسط روسيا التي سميت الغواصة على اسمها والتي يتردد ان ثلث افراد طاقمها قد جندوا منها، وصفه للتأخير في عمليات الانقاذ وعدم توفر معدات انقاذ روسية بأنه عمل اجرامي . وقال رتسكوي ان فرق الغواصين النرويجيين كانت يمكن ان تبدأ العمل في موقع الحادث يوم الاثنين الموافق الرابع عشر من آب اغسطس وهو آخر يوم وردت فيه بوادر على وجود احياء محاصرين داخل حطام الغواصة. وأضاف رتسكوي ان لديه معلومات بأن نوعا جديدا من الطوربيدات كان يجري اختباره بالغواصة كورسك أثناء التدريب الذي كانت تقوم به، ولم يستبعد رتسكوي احتمال ان يكون خطأ في نموذج احد الطوربيدات قد تسبب في غرق الغواصة. وفي مقابلة مع تلفزيون أو, آر, تي ليلة الاثنين الثلاثاء كرر وزير الدفاع الروسي ايجور سيرجييف المزاعم بانه من المرجح ان تكون الغواصة قد اصطدمت بجسم آخر تحت الماء وربما كان ذلك غواصة اخرى. وقال انه تم رصد جسم في حجم الغواصة في قاع البحر عندما حدد رجال الانقاذ مكان الغواصة الاسبوع الماضي، غير ان ذلك الجسم اختفى قبل ان يمكن التعرف عليه وكرر سيرجييف مرة اخرى ما قيل سابقا من العثور على عوامة طوارئ اجنبية في المنطقة. وقد نفت كل من بريطانيا والولايات المتحدة ان تكونا متورطتين في الحادث على الرغم مما ذكرته تقارير أخرى ان ألوان عوامات الارشاد التي عثر عليها بعد الحادث كانت تحمل اللونين الاخضر والابيض وهي الوان العوامات التي يستخدمها البلدان. وقال سيرجييف ايضا ولاول مرة ان غواصة روسية سمعت انفجارا ثالثا في 12 آب اغسطس بعد غرق كورسك ويتفق الخبراء الروس والغربيون حتى الآن على ان انفجاريين فقط قد وقعا. وفي محاولة لابعاد السخط الشعبي الموجه ضد بوتين اكد سيرجييف انه هو الذي نصح بوتين بعدم الذهاب الى موقع الغواصة المنكوبة. وقد اعاد التلفزيون الروسي الحكومي أمس الثلاثاء عرض فيلم للكلمة التي وجهها الادميرال فياتشيسلاف بوبوف، رئيس الاسطول الشمالي بالبحرية الروسية، الليلة قبل الماضية التي تقدم فيها باعتذار عميق لاسر البحارة الغرقى. وقال بوبوف مغالبا دموعه سامحوني لانني لم أقدر على حماية رجالكم . وأضاف: أقسم انني سأبحث عن المسؤول عن هذه المأساة ما حييت حتى أجده وأواجهه.