اعذب ما ولد لجزيرتنا العربية من صوت، صوت يشدو فلا يملك المستمع الا ان يودعه في قلبه اللاهي في التنقل بين انغام المقامات ,,, !! انه طلال الذي غنى ذات يوم: مر بي مر بي مايس الاطراف، قده لولبي ناعم الاطراف قال لي,, وش تبي ,,, ؟ ما رأت عيني ولا في بالي خطر مثل هذا الحسن في شتى الصور ,. ,, هل يحملكم صوت قيثارة الشرق، كما يحملني في هذه الاغنية، الى ابعد مرافئ الشجن، واطراف العذابات الممتدة بامتداد حياة كل صاحب هدف ,,, ؟! كنا ندافع عنه في طفولتنا تماما كما ندافع عن نادينا الكروي المفضل اذا ما اشتعلت حدة المقارنة بين قيثارتنا ومطربين آخرين ,,,!! لينتهي الجدال المحتدم بفوز انصار طلال,, وذلك بعبارة بسيطة : مواويل طلال تخلي الواحد يبكي ,,,,!! لقد ولدنا نحن انصاف الشباب واجبرونا على الاستماع لطلال الذي لم يكن يغادر باسطواناته المكان,, وعندما تحسنت الامور قليلا,, تنوعت مصادر الاستماع بوجود الكاسيت والكاترج,, فألفنا ترديد اغانيه في الحارة ومناطق تجمع الطفولة المحيطة, كنا نتخيل ونقول: اما لو صوتي مثل صوت طلال,, كان اقعد امول طول اليوم ,,, !! احببناه عن قناعة,, وربما في اغلب الاحيان كان يشبع لدينا الرغبة بالتحول لمطربين صغار تملأ اصواتنا الآفاق,, تماماً كما يفعل طلال ,,, !! اكاد اجزم بأن كل من استمع لطلال مداح الشاب لم يتمالك نفسه من الدهشة كوسيلة للتعبير عن عذوبة صوت هذا الفنان، صوت يحمل في طياته رسالة صريحة بحاجته لترديد مواويل الشجن الوردي، لقد ادهش فنانا في وقت من الاوقات قمم الموسيقى في العالم العربي امثال الموسيقار محمد عبدالوهاب وقد صرح موسيقار الاجيال آنذاك برغبته في التعاون مع طلال مداح، في ظل وجود شعبية الكبار كعبدالحليم حافظ مثلا,. تعلق قلبي,, او بدون التلميح لألحانه الخالدة، نحن نتذكر سويا كيانا فنيا تعامل مع الموسيقى بمنتهى البساطة والعشق,, لم يترك مجالا للمحاذير,, من يستطيع ان يعطينا جوابا لأحد الكوبليهات التي تغنى بها طلال كما فعل طلال؟ مذهب مقادير يا سادة هو المحك في تصوري للفصل بين المطرب وبين النشاز في الكثير من الاصوات التي نسمعها اليوم,, استمعوا لطلال الستينات والسبعينات والثمانينات لتعرفوا ما اعني ,. استمعوا لجلسات طلال مداح التي تحفل بعزفه المميز وايقاعاته الهادئة وانتشار صوته في ارجاء الاغنية دون استئذان,, لن اعدد تلك الاغنيات التي ستستوقفكم طويلا قبل ان تقرروا مواصلة الاستماع للآخرين الذين تستمعون اليهم. اعذروني فقد عشقت اغنيات هذا الفنان ولم استطع التخلص من عادة البحث عن قديمه في كل زيارة لإحدى الدول الشقيقة,, فطلال لا يمكن استبداله بآخر,. يعني اذا كنت من متعددي المتابعة، فيمكنك السفر بالسيارة الى الدمام بشريط لفلان من المغنين الشباب ليكفيك عن البقية,, اما في حال محبي طلال فلابد من وجود طلال بصوته الذي لا يمكن التعويض عنه بآخر,, ولا تنفع معه عبارة مش حالك بأي شريط ,,. من يستطيع ملازمة المقام كطلال؟,, من يستطيع دعم الكلمة بصوت يشذب اطراف الالحان العربية المعقدة بعذوبتها ,,, ؟,, لن نكتفي مما شدا به طلال لصدقه، وعفويته، وجمال صوته, طلال سيبقى مرجعا فنيا لمن اراد تعلم ألف باء الغناء,, ومتى ننزل للقرار ومتى نصعد باعناقنا لتفعيل الجواب ,,, ؟ سأخبركم سرا لم اشأ البوح به,, ولكن بعد رحيل ابي عبدالله اظن ان الوقت قد حان لذلك,, علينا ان نفتش جديا عن حسين قريش لمحاولة الحفاظ على مستوى الطرب الاصيل بعد رحيل هذا العملاق الكبير,, صحيح ان ما احد يسد مكان احد لكن نحن مطالبون باكمال المشوار الذي بدأه طلال,, وما هيأه للاغنية السعودية من مكانة وقاعدة جماهيرية على امتداد الوطن العربي . وداعا ابا عبدالله,, ورحمك الله وستبقى اغنياتك العذبة معنا للابد,, ولا عزاء لنا في ذلك فنحن بكل تأكيد لن نجد لصوتك واحساسك بديلا. عبدالله صايل