مانزال مع كثير الأسف نفتقد لآلية الحوار المتحضر والمثمر الموصل إلى نتيجة يعتروها أي خلاف، بل على العكس من ذلك فإننا غالباً في هذا المجتمع ننصرف حين يحتدم النقاش والجدل بين طرفين إلى أنهما خصمان دخلا حلبة المبارزة فلابد من منتصر ومنهزم، وهكذا تغيب الحقائق والمكاسب التي يمكن استحصالها واستخلاصها من كلال الطرفين وموضوعهما الذي هو محور النقاش. يبرر هذه التوطئة مقال نشره الشيخ الأديب عبدالله بن إدريس في زاويته الأسبوعية في هذه الجريدة ورد عليه مستوضحاً الدكتور محمد آل زلفة وكان يمكن للحوار أن يتنامى بشكله المتحضر الذي كان عليه هذان الاستاذان (ابن إدريس وآل زلفة) لكن الباب انفتح على مصراعيه لمحترفي الجدل وراغبي الظهور وكان هذا واضحاً منذ ان تدخل الأخ محمد بن ناصر الأسمري فيما لايعنيه وعندما أقول إنه تدخل فيما لايعنيه فإنني لا أتجنى على الأخ الأسمري لكن هذا واضح من سيرته الكتابية الموصومة بالإسهال حيث نراه منتشراً في كل مطبوعة يومية وأسبوعية وشهرية متخصصة وشاملة، محلية وغير محلية ثم ان لديه الجرأة في الحديث عن كافة المواضيع مايعرف منها ومالايعرف تراه يحدثك عن الأسمدة او عن الالكترون وتارة عن موانع الحمل وأخرى عن مصلحة المجاري يكتب في الأدب والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والطب والرياضة ويمكن أن يقعد للفتوى الدينية في أي عمود صحفي شاغر! هذه فكرة مجملة عن الأخ محمد الأسمري والذي دخل حلبة النقاش وليس طرفاً فيها وليس لديه مايقوله سوى أن يده تحكه كما يقول العامة ولفرط حساسيته المعروفة لدى عارفيه فقد انزعج من مقال ابن إدريس والذي كان تداعياً عفوياً في زاويته الاسبوعية حيث لم يقل أو يدعي أن مانشره موثق أو أنه بحث تاريخي وإنما جره إليه مناسبة توقيع اتفاقية الحدود بين المملكة واليمن وهذا ما أحزن الأسمري وأعني الربط بين توقيع الاتفاقية ورحلة والده الداعية مع مجموعة من أهل العلم . وهكذا فقد انصرفت الموضوعية فيما كتبه الأخ الأسمري لمجرد ذكر ابن إدريس لليمن على نحو جعله تجرأ في أكثر من رد بشكل لايليق بابن إدريس وهو الشيخ العالم والأديب والشاعر (وليس الشيخ سناً كما لمز الأسمري أكثر من مرة) وقد أخذ الأسمري على ابن إدريس عدم توثيقه للمحادثة التي ذكرها وذكر أنه لم يجدها في وثائقه الخاصة!! والتي ذكر فيها الأسمري أن والده كان أميراً ونسي أن يوثق لنا ما يثبت أن والده كان أميراً ونحن لا نعرف إلا أنه رحمه الله كان يعمل برتبة جندي في منطقة الطائف وفي هذا خير وبكرة تنأى به عن الادعاء ولهذا نتمنى أن ينورنا موثقاً هذا الجانب كما نتمنى أن يخبرنا كيف تشرب تراب فلسطين من دم والده كما ذكر في مقالة أخرى فهذه ذكريات جميلة ومهمة أولى بالذكر من التعرض للغير وتكذيبهم دونما سند. ومع أن ابن إدريس قد ذكر في مقاله التعقيبي أن ما أورده في مقاله سبب الضجة كان مجرد ذكريات وتداعيات وبين أنه لايملك أي مستندات في هذا الخصوص إلا أن الحق جاء إلى ابن إدريس ياترى مسانداً ومؤيداً من خلال المقالة التي نشرها الأخ محمد السليمان حيث نشر وثيقة أوضحت هذه الوثيقة أن عبدالعزيز بن زامل الدريس والد الشيخ عبدالله كان ضمن الفريق الذي غادر في تلك الأثناء وفي هذا كفاية. وعودة لما قلته في مطلع هذا المقال فإن مقال ابن ادريس قد أثار ردود أفعال خارجة عن أصل الموضوع وبغيته وهدفه المروم. كما رأينا من الأخ الأسمري ثم تبعه ابن الشيخ عثمان بن سليمان الأخ أحمد السليمان وكان رده على نحو من الغلظة غير اللائقة. ولعلي أجد هنا تفسيراً يبرر تلك القسوة التي كان عليها وهو يتصدى للرد فلم نعرفه كاتباً أو مؤرخاً لكنها ثورة الغضب التي تجترح أسباب الحوار غالباً فتخرجه كما قلت من منهجيته ذلك أني أجزم أن الأخ أحمد بن عثمان السليمان قد غضب من بعض مفردات وردت في مقالة ابن إدريس وذلك حينما ذكر أن الشيخ ابن سليمان رحمه الله كان شاعراً هواوياً في مقتبل عمره وقد أثنى على شعره العامي ووصفه بالرقة والعذوبة لكن الأخ أحمد السليمان لم يعجبه ذكر ذلك كما اعترض على أن كناه ابن ادريس بشيخ حرمة ونسي الأخ أحمد هداه الله أن ابن إدريس يقصد أن الشيخ ابن سليمان كان يُعرف بشيخ حرمة مثلما يقال شاعر الجبلية أو الرافدين أو عميد الأدب العربي أو علامة الجزيرة فتلك ألقاب يتعارف عليها الناس وليست مناصب وهي من باب التقدير والتوقير وهكذا لانجد مبرراً لذلك النفي الشديد لهذه الصفة التي قالها ابن ادريس عن والده فهي ثناء وليست سبة بحقه. وبالنسبة لشاعرية الشيخ عثمان بن سليمان رحمه الله فلا أجد في هذه السيرة تثريباً أو مأخذاً على الشيخ ابن سليمان رحمه الله وعفا عنا وعنه والشعر ليس وصمة إلى هذا الحد فقد كان الإمام الشافعي رحمه الله وهو من هو في علمه ومنزلته شاعراً وقد ترك الشعر متفرغاً لما هو أهم وقال مقولته الشهيرة: لو تفرغت للشعر لكنت أشعر من لبيد . أرجو ان يكون الحق منهاجنا والموضوعية نبراسنا وأن نقدر كبراءنا وروادنا الذين أفنوا زهرة شبابهم في تحصيل العلم جثواً على الركب ,والله من وراء القصد,. عبدالله السيف المجمعة