بعد أسبوع عرف بأنه الأسوأ لأسواق المال العالمية منذ انهيار عام 1987م، ابتهجت أسواق المال العالمية أمس الاثنين عند افتتاحها صباحا في شرق القارة الآسيوية على وقع اجتماعات مجموعة السبع والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لمحاولة تطوير الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد والنظام المالي العالمي. فقد فتحت الأسواق الآسيوية على ارتفاعات كبيرة بقيادة بوصة هونغ كونغ التي أضافت 10.5% تلتها البورصة الهندية بارتفاع 7.5%، فالسنغافورية ب 6.5%، كما ارتفعت أسواق كل من أستراليا وتايلند والصين وكوريا الجنوبية بنسب تراوحت بين 5.5% و3.5%، ولم يشارك السوق الياباني في هذه الاحتفالية الرائعة بسبب إجازة دينية. كما ارتفعت أسواق الشرق الأوسط والخليج بقيادة سوق دبيالمالي الذي ارتفع بنسبة 10.5% تلاه السوق السعودي بارتفاع اقترب من النسبة القصوى عند 9.5% ليسجل أعلى ارتفاع في يوم واحد منذ أكثر من سنتين ليصعد فوق الحاجز النفسي 6000، ويغلق عند 6365 نقطة، كما ارتفع السوق القطري بنسبة 8.5%، وارتفعت أسواق أبو ظبي وعمان ومصر والأردن بنسب تراوحت بين 3% و7%، وبقي السوق الكويتي خارج هذه الاحتفالية ليغلق على تراجع طفيف.. أما الأسواق الأوروبية فقد أغلقت على ارتفاعات كبرى لتعوض الكثير من خسائرها القاسية التي تكبدتها الأسبوع الماضي، وقاد الارتفاعات في أوروبا مؤشر داكس الألماني الذي ارتفع بنسبة 10.5% كما ارتفعت مؤشرات فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا ولكسمبورج والدنمارك والسويد بنسب تراوحت بين 9 و10%، في حين أغلق السوق السويسري على ارتفاع 11%، والنمسا على ارتفاع 12.5%، وكان أكبر الرابحين هو السوق الكرواتي بارتفاع وصل 16%. وجاءت هذه الارتفاعات بعد اجتماعات متواصلة خلال عطلة نهاية الأسبوع للدول الأوروبية ومجموعة السبع وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمحاولة إيجاد الحلول الملائمة للخروج من الازمة المالية التي طوقت الاقتصادات العالمية وكبدتها خسائر فادحة.. ففي باريس حيث يجتمع القادة الأوروبيون الخمسة عشر، أعُلن عن خطة مشتركة لمواجهة الأزمة المالية، حيث أعلنت بريطانيا أنها ستدعم أكبر 3 بنوك في بريطانيا ب 37 مليار جنيه استرلينى مقابل امتلاك أجزاء منها على شكل أسهم تحتفظ بها لبعض الوقت ثم تبيعها بعد تحسن الأوضاع المالية، على أن يتم تحجيم مكافآت التنفيذين في تلك البنوك، وهذه البنوك هي رويال بانك أوف سكوتلاند (Royal Bank of Scotland Plc) وليودز واتش بوس (HBOS Plc).. في حين أعلنت فرنسا وألمانيا وإسبانيا والنمسا عن التزامها بمنح البنوك قروضا وضمانات مقدارها 1.5 تريليون دولار مقابل الاستحواذ على أسهم في تلك البنوك لحمايتها من الانهيار وبث الثقة من جديد في النظام المالي.. كما وعدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بتخصيص 400 مليار يورو في صورة ضمانات للقروض لتساعد على عودة الإقراض بين البنوك، و20 مليار يورو لتغطية الخسائر المحتملة من جراء الديون المعدومة.. كما خصصت 80 مليار يورو لضخها في النظام المالي.. وتأتي هذه الحزمة الكبيرة من الإجراءات الأوروبية بعد أن فقدت الأسواق الأوروبية الأسبوع الماضي أكثر من 22% من قيمتها السوقية، وبعد إجراءات جماعية لخفض الفائدة في أوروبا وأمريكا وآسيا وأستراليا لم تمنع الأسواق من نزيفها الحاد، وبذلك تكون أوروبا قد حذت حذو الولاياتالمتحدة التي أقرت خطة إنقاذ بقية 700 مليار دولار قبل حوالي 10 أيام. الأسواق الأمريكية تلقت هذه الأخبار الإيجابية بارتفاعات كبيرة، فقد ارتفع موشر داو جونز 30 ومؤشر ستاندرد اند بورز 500 الأوسع نطاقاً بحوالي 6.5% عند منتصف اليوم (أمس) وحتى وقت إعداد هذا التقرير، في حين أن مؤشر النازداك الذي يغلب عليه شكركات التكنولوجيا ارتفع بمقدار 7.5%.. وقد ارتفعت جميع قطاعات السوق الأمريكي بلا استثناء، لكن أكبر الارتفاعات جاءت من نصيب قطاع المنافع Utilities الذي ارتفع بمقدار 11.5%، فقطاع المواد الأساسية بنسبة 10%، تلاه قطاع السلع الاستهلاكية بارتفاع 9%، فقطاع الطاقة ب 8.5%، كما ارتفع أيضا القطاع المالي بنسبة 7.5%. وفي أسواق الصرف والمعادن والنفط وعند الساعة الثانية عشرة بتوقيت نيويورك، السابعة بتوقيت السعودية، فقد الدولار أكثر من 100 نقطة أمام اليورو ليسجل 1.3500، في حين استقر النفط الخام عند نقطة اللاتغير عند مستوى80.50$ للبرميل، وفقد الذهب أكثر من 1.5% أو 13$ ليسجل 830 دولارا للأوقية. خطط الإنقاذ ما زالت تتوالى من كل دول العالم، وتحول الاهتمام من السياسة إلى الاقتصاد، كيف لا، إذا ما علمنا أن الاقتصاد وجد في الأساس لتنمية المجتمعات ورفاهية الشعوب، فهل سيكون الاقتصاد عند حسن الظن..؟!! خبير اقتصادي ومحلل مالي في الأسواق العالمية