هل يرحل الهديلْ؟ تأجَّج السؤال حينما سمعتُ بالخبر.. يَمُورُ في دمي ملتهباً كالجمر في فمي هل يرحل الهديلْ؟ قد يرحل الحَمام لا يَعُودْ يفارق الوجودْ من بعد أن يُسمعنا هديلَه الجميلْ من بعد أن يغرس في قلوبنا مشاتل الهديلْ شامخة كأنها سَوامقُ النخيلْ يغيب عن عيوننا الحَمامْ يلُفُّه الضياءُ في عالمِهَ الفسيحْ ونحن في عالمنا يلفُّنا الظلامْ يستأنس الأُفْقُ به، هناك يستريحْ وبينَنا وبينَه الغَماَمْ قد يَرْحَلُ الحَمامْ مغِّرداً في صَمْتِنا بصمتهِ البديعْ مسافراً عن أرضنا.. في دَوْحِه أَقامْ هناكَ، حيث يسكن الرَّبيعْ وتسكن الأَرواحُ في سلامْ هناك، حيث لا شتاءُ لا صقيعْ ولا شظايا وَجَعٍ يُطْلِقُها الِّلئامْ هل يرحَلُ الهديل؟ قد يرحل الحمامُ والطيورُ كلُّها.. ويرحل المَدَى ويرحل الصباحُ والزُّهورُ والنَّدَى وفي الفؤاد يمكث التغريدُ والصَّدَى ويمكثُ الهديلُ في مسامع الزَّمَنْ لأنَّ صَوْتَه الشجيَّ في القلوب قد سّكَنْ قد تُبْتَلَى النجومُ بالأُفولْ وتُبْتَلى الأشجار بالذُّبولْ فترحَلُ الغاباتُ والحقولْ وترحلُ الفصولْ الصيفُ والشتاءُ والربيعْ قد تسقط الأوراقُ من غصونها وتَبْرَأُ الرياحُ من جنونها وفي مسامع الحياةِ يَمْكُثُ الحفيفْ قد تَصْدَأُ السيوفُ في أَغمادها.. وفي مسامع الإباءِ يمكُثُ الصَّليلْ كذلك الحَمَامُ، قد يغيب عن عيوننا.. وفي قلوبنا الهديلْ. كأنَّني بقُبَّةٍ لُؤْلُؤةٍ مجوَّفَهْ برحمةِ الله الذي أّبْدَعَها مُزَخْرفَهْ تقول للأم التي بكاؤها احتدمْ وللأب الذي يسكنُه الألَمْ: هُنا، هنا سيسكُنُ الهديلْ فاعتصما بالخالقِ الجليلْ وأَسْكِنَا قلبيكما صبرَهُما الجميلْ