أغلق مؤشر السوق هذا الأسبوع عند 9418 نقطة خاسراً حوالي 71 نقطة عن مستواه في الأسبوع الماضي.. وقد انتابت المؤشر اضطرابات واضحة منذ بداية هذا الأسبوع نتيجة حالة القلق التي أصابت غالبية المتداولين مع بداية الإعلان عن الصورة الافتراضية للهيكل الجديد للسوق بمؤشره الحر وحصصه المستبعدة وقطاعاته المستجدة.. بل إن الإعلان عن نسب التداول الحر التي ستكون عليها الأسهم بعد تطبيق الهيكل الجديد جاءت بمثابة الصدمة لكثير من هؤلاء المتداولين الذين رغم معرفتهم بنسب حصص الحكومة في هذه الأسهم، إلا أنهم لم يكن في تصورهم مدى ضآلة الحصص المتداولة فعليا منها.. فضلاً عن ذلك، فقد تكاثرت على السوق العديد من المؤثرات القوية ومتباينة التأثير، والتي من أبرزها إدراج سهم زين الذي استحوذ على 43% من حركة التداول هذا الأسبوع، واقتراب موعد طرح مصرف الإنماء، وقبلها انتهاء أحقية سهم الاتصالات، وحلول موعد أحقية سهم سابك، والتراجعات القوية والجديدة لبعض أسهم المضاربات في السوق، وكذا استمرار انحدار سهم إنعام.. إن السوق هذا الأسبوع أصبح منقسماً ما بين مضاربين خاسرين في أسهم عالقين فيها وبين مستثمرين خائفين من مجهول الهيكل الجديد والمؤشر الحر.. إن الكثيرين يرون أن الهواجس التي بدأت الأسبوع الماضي إنما لا تمثل شيئا أمام القلق من الأسبوع المقبل وما بعده.. الكل يتساءلون.. كيف ستكون حركة التداول بعد بدء تطبيق الهيكل الجديد؟ هذا الأسبوع.. مسار أشبه بالأفقي للمؤشر هذا الأسبوع يشير البعض إلى أن أداء المؤشر كان سلبياً بدليل إغلاقه على خسارة لمدة أربعة أيام من السبت وحتى الاثنين، ثم يوم الأربعاء.. فرغم ارتداده يوم الثلاثاء وتعويضه لمعظم خسائر الأسبوع، إلا أنه أغلق على خسارة نتيجة عدم قدرته على الحفاظ على مساره الصعودي.. ولكننا ورغم كل ذلك، فإننا نعتقد أن المؤشر بدا هذا الأسبوع متماسكاً ومن ثم تمكن من تقليل حجم خسائره إلى أدنى مستوى ممكن. ففي الماضي القريب، كان يتوقع أن يشهد المؤشر خسائر ربما بعدة مئات في مثل هذه الظروف، وفي مثل هذه المستجدات العصيبة التي تعصف بالمؤشر من كل صوب. إن دخول المؤشر في مسار أشبه بالأفقي هذا الأسبوع ليدلل على تماسكه وقدرته على الحفاظ على توازنه في تلقي صدمات المؤثرات السلبية العديدة التي يمر بها. ففي ظل تراجع غالبية القياديات، وأيضاً في ظل التراجع القوي للعديد من أسهم المضاربات، وأيضاً في ظل مخاوف الهيكل الجديد، وحالة التردد بين البقاء والخروج من قبل العديد من المستثمرين تمكن المؤشر من إغلاق أسبوعه على خسارة بحوالي 71 نقطة، وهي خسارة طفيفة كان يمكن أن تكون بالمئات لو حدثت مثل هذه المؤثرات في عام 2006 أو 2007... فما هي هذه المؤثرات؟ مؤثر انتهاء وحلول آجال أحقيات القياديات المساندة للمؤشر الجميع يعلم أن الدعم الرئيسي للمؤشر يأتي من أحقية سابك التي تحل غداً، ويأتي من أحقية الاتصالات التي انتهت قبل أمس.. وعليه فإن المؤشر سيصبح حرا بلا دعم ولا مساندة، ويتوقع أن يكون لهذه الأحقيات دور سلبي في حركة التداول بدءاً من يوم الأحد وحتى نهاية الأسبوع المقبل. بل إن افتقاد المتداولين للتفاؤل حيال توقعات نتائج أعمال الشركات التي يحل موعدها بدءاً من يوم الثلاثاء المقبل وخاصة لقطاعات البنوك وبعض الصناعيات، إنما يضع المؤشر رهيناً بسيادة روح تشاؤمية نتيجة غياب المحفز، حتى وإن كان نفسياً وغير حقيقي. مؤثر الارتفاع غير المسبوق لحجم خسائر المتداولين في أسهم المضاربات غير الاستثمارية يعتبر هذا الأسبوع من الأسابيع المأساوية للمضاربين في السوق (كبارهم وصغارهم)، فقد أحرزت العديد (إن لم تكن جميع) من أسهم المضاربة خسائر كبيرة بلغت أقصاها لسهم الباحة بنسبة 14.3%، وشمس بنسبة 13.4%، وتبوك الزراعية بنسبة 12%. إن هذه الأسهم والعديد من زملائها باتت تتجه إلى مستويات أسعارها الاسمية بعد فترات طويلة من التنزه فوق مستوى المائة ريال.. إننا نعتقد أن هناك من يمنع أي محاولة لبعث هذه الأسهم، وربما حتى لإيجاد رغبة فيها بما يدلل على أن هناك أمراً ما جديداً يعد لأسهم المضاربات جميعاً (ذات الأداء الضعيف) في السوق.. ولكن هل لهذا الأمر ارتباط بمعضلة إنعام التي لم تنكشف بتخفيض رأسمالها، وعادت من جديد إلى سعرها القديم.. إننا نعتقد أن هناك سعياً لعدم تكرار معضلة إنعام في التعامل مع أسهم المضاربات التي تأخذ من السوق ولا تعطي... فهل هو سوق جديد أم بقاء مشروط؟ مؤثر طرح مصرف الإنماء يعتبر البعض طرح مصرف الإنماء مؤثراً سلبياً ينتج من حالة نفسية تشاؤمية وليس نتيجة ضعف أو غياب للسيولة.. باعتبار أن كل اكتتاب ضخم يتم طرحه أثناء تراجع مؤشر السوق يتسبب في خلق مزيد من التشاؤم ومن ثم مزيد الضعف للمؤشر، والعكس عندما يطرح أي اكتتاب في ظل مسار صعودي، فإنه يضيف المزيد من الزخم للمؤشر. وطرح الإنماء في ظل الروح التشاؤمية الحالية في نظر هؤلاء قد يتسبب في مزيد من الاضطراب للسوق، وخاصة خلال الأسبوع المقبل، والأيام الأولى للاكتتاب. مؤثر مخاوف المستثمرين من الهيكل الجديد الجميع يعلم بأن أصحاب المحافظ الكبيرة في السوق قد لا يرضون بنسب أرباح عادية، فقد اعتادوا على الأرباح الخيالية، وأكبر ما يعكر صفوهم الآن ربما هو صورة الهيكل الجديد، والتي بصدق هي محيرة وغير معلوم ما يمكن أن تقود إليه. وهنا تتباين الآراء، فبعض المستثمرين يعتقدون أنه سيكون بمقدرهم تحقيق أرباح أعلى عما ذي قبل نتيجة استبعاد الحصص التي كان يتشككون في أنه يتم تحريكها لتوجيه المؤشر أو الحفاظ عليه من تلاعباتهم، ومن ثم فإنهم سيمتلكون مقدرة أعلى على تحقيق ما يصبون إليه نتيجة انكشاف كامل الأسهم المتداولة لهم، وصغر حجمها عما قبل.. في المقابل يرى البعض الآخر أنهم سيخسرون قدرتهم القديمة على التأثير في مؤشر السوق نتيجة تشتت القيمة السوقية للمؤشر وتفتتها في عدد أكبر من الأسهم، ومن ثم فإنهم سيفقدون المقدرة على التأثير في نفسية المتداولين برفع أو تهبيط المؤشر العام للسوق. هل مخاوف المتداولين من المؤشر الحر مبررة؟ لقد أعلنت شركة تداول هذا الأسبوع عن ملامح الصورة الافتراضية للهيكل الجديد للسوق، وقد شكلت هذه الصورة صدمة للكثير من المتداولين نتيجة كشفها لأول مرة عن حقيقة وواقع عملية التداول المبهمة. فلم يكن يتصور أحد أن تكون الحصص المتداولة فعليا في السوق بهذا الصغر، في حين تكون الحصص غير المتداولة (إلا حسب حاجات خاصة) بهذه الضخامة. فقد أعلنت شركة تداول أن إجمالي كمية الأسهم المدرجة في السوق تصل إلى 32.4 مليار سهم، في حين أن الكمية المتداولة فعلاً لا تتجاوز 10.5 مليارات ريال، أي بما يعادل 32% فقط، رغم أن مؤشر السوق حاليا يحتسب بناء على كاملة هذه الكمية.. لا يوجد عاقل يمكن أن يرفض احتساب المؤشر حسب الكمية المتداول فعلاً فقط. إلا أن غياب الحصص غير المتداولة بالفعل ستفقد السوق أرضيات صلبة كان بالفعل يرتكز عليها عندما تنتاب السوق أي صدمات عنيفة.. إلا أننا لا نعتقد أنه يمكن أن يمر على السوق أعنف من أزمته في الأرباع الثلاثة الأخيرة من عام 2006، والتي هذه الحصص نفسها هي التي أسرعت من خطى التصحيح.. إذن فلماذا الخوف من هذا المؤشر الحر؟. نسب التداول الحر.. لا تصدق! من الأمور التي اتضحت ولم تكن بالحسبان صغر النسب القابلة للتداول من الأسهم، والتي من أبرزها الراجحي الذي لم تزيد الحصة المتداولة فعلياً عن 14.1%، رغم معرفتنا أن حصة الحكومة في السهم لا تتجاوز 7.5% تقريباً. أيضاً جاء سهم ساب كمفاجأة نتيجة صغر حصة الدولة فيه. إن بعض الأسهم معروف أن حصة الدولة فيها عالية، وبالتالي كان يتوقع أن تكون الحصص غير القابلة للتداول فيها مرتفعة، إلا إن أسهما أخرى لا تمتلك الدولة فيها حصصاً مرتفعة كان يفترض أن تكون النسب القابلة للتداول فيها أعلى. بناء السوق الجديد فوق أساسات 1 يناير 2007.. لماذا؟ من الأمور الملفتة للنظر أن هيئة السوق اتخذت 1 يناير من العام الماضي قيمة أساس لانطلاقة هيكلها الجديد، فماذا بجعبة هذا التاريخ؟ وما هي دلالات اختياره؟ وهل هو في صالح السوق والمتداولين أم يعمل ضدهم؟ بداية يمثل هذا التاريخ آخر إغلاق في عام 2006، وهو العام الذي انتكس فيه السوق ككل.. كما يمثل هذا التاريخ ربما الإغلاق الأسوأ للسوق لأن فيه أغلقت سابك عند 105 ريالات، والتي رغم أنها لامست نقاط أدنى إلا أنها بالفعل بنت عند هذا التاريخ قاعها المخيف. والقيم عند هذا التاريخ إنما تمثل إغلاق المؤشر في 27 ديسمبر 2006 عند مستوى 7933 نقطة، وهي نقطة تشرع الهيئة الآن في اتخاذها كنقطة أساس، بما يعطي إشارات إلى أنها سقف أو أرضية جديدة للسوق.. أما الأمر المستغرب، فهو الاختلاف الكبير ما بين سعري سابك والراجحي فيما بين 1 يناير 2007 وبين آخر إغلاق للسوق، فرغم أن سابك كانت عند سعر 105 ريالات، فإنها الآن عند 177 ريال، أما الراجحي، فرغم أنه كان عند مستوى 193 ريالاً في بداية العام الماضي، فقد أغلق قبل أمس عند 88 ريالاً. لماذا التباين بين قيم أساسات المؤشر والقطاعات الجديدة؟ إننا أمام نقطتي أساس تم اختيارهما، هما 7933 نقطة كقيمة أساس للمؤشر وبين مستوى 5000 نقطة كقيمة أساس للقطاعات الجديدة في السوق.. بل حتى تلك القطاعات القديمة التي لم يطرأ عليها تغيير بالسوق مثل البنوك والاتصالات والأسمنت والتأمين، فقد تعدل أساسها ليكون حسب قيم 1 نياير 2007، وهو ما يثير التساؤل هو لماذا الإمساك بهذا التاريخ؟ بل كيف تم الوصول إلى قيم إغلاقاته؟ فالمسترجع لهذا التاريخ يلحظ أقوى تراجعات فيه، بل وبشكل متسارع.. فهل فعلاً هذا التاريخ تم إعداده مسبقاً ليكون أساس انطلاق السوق الجديد؟ أم أنها صدفة رؤي إمكانية استغلالها؟ إن المدقق في قيم هذه الأساسات ليشهد فرقاً بين القيم يعادل 2933.3 نقطة ما بين أساس المؤشر وأساسات القطاعات الجديدة، إلا أن الجميع يعرف أن القطاعات أصدق تعبيراً من المؤشر الذي تحيط به بعض الشكوك سواء في قيمته الظاهرة أو تعبيره الصادق، لذلك فلا يزال هناك شك في أن يكون هذا الفرق قد تلاشى من قيمته بدون تنزيل. ولا جدال في أن هذه الاختيارات تحدد بقوة حجم وقيم المؤشر، بل إنها تصمم أرضية استثمارية السوق ككل في المستقبل. بدءاً من الخامس من إبريل المقبل السوق بلا تاريخ من الأسئلة الصعبة التي وجهت مؤخراً لأحد المسئولين بهيئة السوق هو كيف سيعمل المحللون الفنيون بالسوق الذي سيصبح بلا تاريخ في الخامس من إبريل المقبل.. هنا لن تكون هناك إمكانية لتعديل أو حتى تبديل، فالسوق سيصبح كمن شب كبيراً.. إن السوق سيفرض شكله الاستثماري بحيث لا سبيل سوى الأخذ بمعايير التقييم المالي حتى يتكون تاريخه شيئاً فشيئاً. أخيراً، فإن السوق مقبل الأسبوع القادم على فترة نتمنى أن لا تكون عصيبة، فأحقيات تنتهي، وهيكل جديد يبدأ، واكتتاب الإنماء يطرح.. إلا أنه مع كل ذلك، فيمكن لكل مساهم في شركة استثمارية أن ينسى الشاشة ولا يتذكر سوى أنه مستثمر في شركة ينتظر ريعها. (*) محلل اقتصادي [email protected]