قبل شهور استقبلت رئيسة دولة آسيوية بضع مئات من عمالتها، كانوا عائدين من بلادنا، بعد ما تركوا من يعملون لديهم، ولم تذكر المصادر أسباب الترك، لكن سفارة هذا البلد أعطتهم جوازاتهم وحجزت لهم في رحلة العودة، ولا تدري هل قام هؤلاء بإبراء ذمة من هربوا من عندهم إلى الملاذ الآمن الذي أمنته لهم سفارة بلادهم أم لا! لكن تلك الزفة التي استقبلوا بها أعطت مؤشرا للرأي العام عندهم بأننا لا نحسن معاملة أبناء تلك البلد ولا ندفع حقوقهم وربما نتحرش أو نجور على العاملات المنزليات من نفس هذه الجنسية! وبعد حادثة الاستقبال إياها رفعت أجور العاملات المنزليات ليصبح الأجر الشهري ألف وخمسمائة ريال بعد أن كان سبعمائة وخمسون ريالا (لاحظو الفرق!) ومع هذا الأجر إجازة ومدة عمل محددة وسكن وأكل وشرب وعلاج.. الخ. بعد هذه الزيادة التي وفق عليها وبدأ الاستقدام على أساسها، بدأ ما يعرف بالهروب الكبير، لكن هذه المرة ليس للسفارة أو مراكز الشرطة، ولكن إلى أماكن لا يعلمها إلا الله، هذه العمالة التي قيل أننا لا نستحقها، أصبحت لا تستحقنا، فلو هرب السائق أو العاملة إلى الشرطة أو السفارة لكانت هناك مشكلة، أما الهروب المطلق فله ألف علامة استفهام! قيل من ضمن ما قيل إن المواطنين عزفوا عن الاستقدام بهذه الأجور، وإن العاملين والعاملات لا يريدون العودة، إلى بلادهم بعد نهاية العقد، وضبابية العودة بالأجر الجديد، فلم يجدوا غير الهروب إلى صحراء الله الواسعة، ومن المؤكد أنهم سيطفون على السطح في ساعة، في يوم ما، في ظرف ما، وحتى يحين ذلك الوقت فإننا نسأل وكل مواطن يسأل ما هي حقوقنا وكيف نأخذها خاصة وأن المنازل تتعطل بالشهور حتى يتم استقدام عاملة منزلية؟ فكما لهم علينا حقوق, مكتوبة وموقعة، فإننا نعتقد أن من أبسط حقوقنا مسائلة كل هارب ليأخذ حقه من العقاب، هو ومن آواه أو سهل له الهروب، ولابد أن تكون العقوبة واضحة ومحددة، فالشق الآن زاد على الواقع وهي وزارة العمل، التي لا تتوقف عن تذكيرنا بما ينبغي علينا تجاه العمالة، لكن ماذا ينبغي عليهم يظل غائبا، للأسف حتى في أقسام الترحيل حالما يلقون القبض على عامل هارب يطالبون كفيله بالتذكير وبكشف الحساب، مع أن ذلك الهارب منذ عام أو شهور، جمع أضعاف راتبه، ضاربا بالعقود والمواثيق والأنظمة عرض الحائط! أنا الآن في انتظار عاملة منزلية جديدة، واستعداد لهذا اليوم الحافل، قمت بما لم أقم به من قبل، جهزت قفلا للباب وآخر للجراش، ورقما سريا للهاتف، وربما نصبت كاميرا خوفا من استمرار مسلسل الهروب الذي لم يعرفه منزلنا منذ ربع قرن. لقد كنت أقول لمن تهرب من عنده عاملة أو سائق: هل تدفع الراتب وتقدم السكن اللائق وتعطي ساعات الراحة الكافية وغيرها من البنود الإنسانية، فإذا أجاب بغمغمة قلت له حالاً: تستاهل! شوف أنا لم يحدث لي أبدا ما حدث لك، يا أخي الدين المعاملة! مثل هؤلاء لابد أنهم يمدون لي لسانهم الآن! أين هو الملاذ الآمن الذي يهرب له السائقون وعاملات المنازل الآن؟ لو كان السفارات لامتلأت ولو كانت أقسام الشرطة لاتصلوا، لكن لا هذا ولا ذاك، كانت هناك الآن عصابات تستغل كل شيء لإغراء سائق أو عاملة وما لم يدرس الأمر فإننا سنغرق في ما لا نريده من بلادنا، من تنامي الدعارة وتصنيع وترويج الكحول والسرقات والتزوير، أعرف أن ما أقوله مؤلم لكن هذا ما يحدث الآن وهو ما يوجب علينا دراسة هذه الظاهرة واتخاذ عدة إجراءات بخصوصها مثل: - إطلاق نقل الكفالة عند انتهاء مدة العقد - تغليظ العقوبة على من يهرب من الجنسين، له ولمن آواه وسهل له الهروب - حفظ حق المواطن قانونياً تجاه من لم يلتزم بإتمام ما تعاقد عليه معه. - رفع رواتب العاملات والسائقين بطريقة عادلة وجعله موحدا لجميع الجنسيات - إعطاء الحق للأسرة لاستقدام العاملات والسائقين فهذا سيحد من الهروب إذا كان بسبب ضآلة الأجر أو سوء المعاملة أو المماطلة في دفع الحقوق. والله المستعان، فاكس 012054137